مخاوف ولي العهد الجديد محمد بن سلمان من سلفه محمد بن نايف لا تزال قائمة. أكد المؤكد أوامر ملكية جديدة قضت على أي سلطة مقربة من وزير الداخلية المعزول.
تقرير عباس الزين
يواصل محمد بن سلمان على دفعاتٍ، وضمن انقلاباتٍ سريعة يتم إخراجها بأوامر ملكية، انقلابه على محمد بن نايف، بعد عزله من ولاية العهد ووزارة الداخلية.
كان لزاماً على محمد بن سلمان، تقويض نفوذ أبناء نايف بن عبدالعزيز من الداخلية، الذين يعتبرون من دعائم الوزارة في المملكة، إذ شكّلت الصلاحيات واسعة بين أيديهم تهديداً حقيقياً لعرشه المأمول.
لم تُستكمل محاولات إرضاء إبن سلمان لأبناء عمومته النافذين، بتعيين أبنائهم في الوزارات. فسعود بن نايف وابنه أول من يدفعان الثمن بهذه القارارت، التي شملت تعديل الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية.
أما عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، فسحبت من تحت سلطته كل ما يتعلق بالشؤون الأمنية المتعلقة بأمن الدولة في الجهاز المستحدث باسم “رئاسة أمن الدولة”، حيث سيتم ضم المديرية العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة وطيران الأمن، للجهاز الجديد التابع للملك مباشرة.
ترتبط الأعمال الموكلة للأجهزة التي تم فصلها عن الداخلية بالتصدي لأي محاولة انقلاب أو اضطرابات أمنية داخلية، من مكافحة التجسس وصولاً إلى التدخل الخاص بالعمليات السريعة لحفظ الأمن الداخلي، وليس انتهاءً بمهمة تفريق المظاهرات، ومكافحة الإرهاب.
ليست السيطرة الأمنية وحدها هي التي ابتلعها محمد بن سلمان في “رئاسة أمن الدولة”، بل ثمة مكاسب سياسية أرادها بتعيين عبدالعزيز بن محمد الهويريني، وذلك بمرتبة وزير. يأخذ استلام الهويريني للجهاز الجديد على الصعيد الدولي اتجاهين، أحدهما يرتبط بالأزمة الخليجية، والآخر له علاقة بالعلاقة بين أمن سلمان وواشنطن.
كان الهويريني ذراع ابن نايف، وهو حلقة الوصل الرئيسة في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أميركا والسعودية، فتعيينه يأتي أيضاً لطمأنة الإدارة الأميركية التي كانت تفضل محمد بن نايف، باعتباره “أمير مكافحة الارهاب”، بحسب ما تصفه مراكز الدراسات المقربة من البيت البيض.
يبدد تعيين الهويريني مخاوف واشنطن من انقلاب ابن سلمان كونه ذراع ابن نايف الأول، والرجل الثاني في مكافحة “الإرهاب”، في المملكة. ولا يقلق توسيع نفوذ الهويريني محمد بن سلمان، إذ أنه لا يشكل خطراً في ظل غياب ابن نايف، كما أنّه يُعرف بمواقفه المعادية لقطر، بخلاف ابن نايف، وسبق أن اتهمها قبل عام ونصف بالسعي إلى “تشويه سمعة المملكة”.
الأوامر الملكية الأخيرة تشي بأنّ محمد بن سلمان لم يكن بعيداً عن أجواء انقلاب مضاد محتمل. ولقطع الطريق أمام كل الاحتمالات، لم يبقَ أمام محمد بن سلمان إلاّ الحرس الوطني ليضمّه إلى أجهزته الفضفاضة، ما يعني أن متعب بن عبدالله، وزير الحرس، لن يكون بمنأى عن الوجهة المقبلة للأوامر الملكية.