ما يضمره الكثيرون داخل الأسرة الحاكمة، يعلنه عبدالعزيز، نجل الملك السعودي السابق فهد. هي صراعاتٌ دينية وسياسية توضح التفكك والتضعضع الحاصلين، في بنية قصر آل سعود.
تقرير عباس الزين
سلمان بن عبد العزيز ليس مصدراً للسلطات، ودستوركم هذا “بلوه واشربوه”. تلك العبارات من الممكن أن تصدر عن معارض لحكم آل سعود، لكن المفاجىء أنها صدرت من رحم العائلة الملكية، عن نجلِ الملكٍ سعودي سابق، هو عبدالعزيز بن فهد.
جاء كلام بن فهد هذا ضمن هجومٍ عنيفٍ شنه على “الكتاب الليبراليين” كما يسمونهم في المملكة، المدعومين من محمد بن سلمان، ومنهم عبد الرحمن اللاحم، الذي اعتبر سلمان مرجعاً للسلطات، وكلامه مبادىء دستورية. دافع إبن فهد أيضاً عن الداعية السعودي، علي الربيعي، الذي حرم الترحم على الممثل الكويتي، عبدالحسين عبدالرضا، وذلك بعد استدعائه للتحقيق، بأمرٍ من بن سلمان على خلفية ذلك.
متنقلاً بين الهجومِ على ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وسياسيات الحكومة السعودية، يظهر جلياً أن عبدالعزيز بن فهد يستهدف بشكلٍ محدد محمد بن سلمان وتوجهاته الداخلية والخارجية.
إبن فهد كان هاجم حليف بن سلمان، بن زايد. الهجوم جاء إثر قيام مغرد إماراتي على “تويتر” بتصميم صورة لوجهي الملك سلمان وبن زايد بجانب بعضهما البعض، ما أثار غضب نجل الملك فهد ودفعه لوصف ولي عهد أبوظبي بأنه “السرسري” اي لص ابن شوارع وعديم الأخلاق، معتبراً ان قرار المملكة أصبح بيد ابن زايد. كما وجه انتقاداً لاذعاً للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة على خلفية تصريحاته حول رغبة السعودية بتطبيق “العلمانية” في الشرق الأوسط، واصفاً إياه بـ”المنافق الذي يريد هدم الدين”.
الإبن الأصغر للملك فهد، بدأت مشاكله مع بن سلمان في عام 2014، حين أصدر الملك عبدالله بطلب من الملك سلمان حينما كان وليا للعهد آنذاك، أمراً ملكياً بإعفاء عبدالعزيز بن فهد من منصبه كوزير دولة وعضو مجلس الوزراء، وعيّن مكانه محمد بن سلمان وزير دولة وعضواً في المجلس، فضلاً عن تولي الأخير منصب رئيس ديوان والده ولي العهد حينها.
يعرف عن بن فهد تقربه من الدائرة الدينية داخل المملكة، وهو الذي اعترف بتقديمه دعماً لقناة “وصال” المعروفة بتطرفها، في أواخر عام 2011، أثناء تدشينها وافتتاحها، قبل أن يعود ويتبرأ منها.
الخلافات الظاهرة بين ابن فهد وابن سلمان، تشي إلى صراعين متداخلين بدت معالمها أكثر وضوحاً هذا العام مع الانقلاب الأخير لمحمد بن سلمان على ولي العهد السابق محمد بن نايف، صراعٌ داخل قصر آل سعود يتعاظم على وتر صراع السلطتين السياسية والدينية، وفي كلاهما معارضة قوية لمحمد بن سلمان الطامح بالعرش.
يتستر ابن فهد بما تتبناه السلطة الدينية، في أي هجومٍ يشنه على بن سلمان وحلفائه. ما صدر عنه مؤخراً من مهاجمةٍ للدستور ومصدر السلطات، أي الملك سلمان ونجله، ليس إلا شرارة من نارٍ كبيرة يشعلها ابن سلمان، مع طرحه لـ”رؤية 2030″ الاقتصادية، فإلى جانب كونها تعطي بن سلمان الصلاحيات كافة للتحكم بسياسات المملكة، فإنها تتعارض بشكلٍ كبير، مع المفاهيم الدينية الوهابية، الركيزة الأساسية لحكم آل سعود.