الرياض تسلّم القاهرة الملف السوري

على وقع هزائم مجموعاتها المسلحة وتشتت ما تسمى بـ"المعارضة" المدعومة منها، تتحرك الرياض باتجاه القاهرة، موكلةً إياها الملف السوري، في وقتٍ تتحرك فيه الأخيرة، نحو تطبيع علاقاتها مع الحكومة السورية.

تقرير عباس الزين

هرباً من الفشل الذي لاقته في الملف السوري، بدأت الرياض بنقلِ إرثها شبه المعدوم تأثيره سياسياً وعسكرياً، إلى القاهرة، في ظلِّ تراجعٍ واضحٍ للدور السعودي، ظهر جلياً في المفاوضات الدولية حول الأزمة السورية، لا سيما محادثات "أستانة" أخيراً.

مصادر في وزارة الخارجية المصرية، كشفت أن السعودية بصدد نقل الأوراق التي تملكها في الأزمة السورية إلى مصر. وأوضحت لصحيفة "العربي الجديد" القطرية، أن اجتماعات عدة جرت بين مسؤولين مصريين وسعوديين بحضور مسؤولين إماراتيين خلال الفترة الماضية، لـ"نقل تبعية عدد من الكيانات السياسية المعارضة اللاعبة في الشأن السوري من المملكة إلى مصر".

مع إعلان المبعوث الأممي لسوريا، ستيفان دي ميستورا، تأجيل المشاورات الفنية مع "المعارضة السورية" التي كانت مقررة هذا الشهر، لإتاحة الفرصة أمام المعارضة من أجل إعادة تنظيم صفوفها، فإن التشتت الحاصل في ما يسمى "المعارضة السورية"، وانعدام أي رؤية سياسية أو عسكرية لها، جميعها نتائج لمسارٍ سعودي على مدى السنوات الماضية، أثبت فشله في فرض تلك المعارضة ككيانٍ سياسي قادر على مفاوضة الحكومة السورية، ما دفع بالرياض الى توكيل القاهرة بهذا الملف.

الخطة المتفق عليها بين القاهرة والرياض بدأت معالمها بعد مشاورات استمرت ثلاثة أيام في القاهرة، في تموز الماضي، أعلنت خلالها الدفاع الروسية عن توقيع اتفاق هدنة في منطقة الغوطة الشرقية بالتنسيق مع مصر وتيار "الغد" الذي يترأسه أحمد الجربا المقرب من السعودية، من أجل تحقيق وقف إطلاق نار في المنطقة بين الحكومة السورية والمجموعات المسلحة. 

في موازاة ذلك، تشهد القاهرة تحركات رسمية في إطار توجه جديد لإعادة العلاقات الرسمية وتطبيعها بين مصر وسوريا. مصادر كشفت أن القاهرة دفعت بشخصية ذات طابع استخباراتي منذ فترة، وهو اللواء طلال فضلي، الذي شغل في وقت سابق موقع قنصل مصر في لبنان، إلى دمشق، للتمهيد لعودة العلاقات الرسمية والديبلوماسية بين البلدين.

بدءاً من ما تم تسريبه حول مطالبة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، "المعارضة" بالتعامل مع الرئيس السوري بشار الاسد، وصولاً إلى توريث الرياض نفوذها في سوريا إلى القاهرة، يبدو واضحاً أن سياسات السعودية خلال الأزمة السورية، وهزيمة مشروعها الداعم للمجموعات المسلحة، وضعها أمام خياراتٍ ضيقة، بين الهروب باتجاه القاهرة، أو الإستسلام لواقعٍ فرضته سوريا وحلفاؤها.