بعد سنواتٍ من المواقف المتشددة للحكومة الأردنية ضد دمشق، دشنت عمَّان مرحلةً جديدة، عبر فتحها قنوات ايجابية مع الحكومة السورية، فرضتها انتصارات الجيش السوري الميدانية.
تقرير عباس الزين
وعلى وقعٍ تقدم الجيش السوري، في محاذاة الحدود مع الأردن، وفرض سيطرته الكاملة على النقاط الواقعة ضمن حدود محافظة السويداء، بدأت عمّان بإعادة حساباتها السياسية مع حكومة دمشق، في ظلِّ انعدام أي أفقٍ عسكري للمجموعات المسلحة المدعومة من غرفة عمليات "موك"، والتي تتخذ من الأردن مقراً لها.
الحكومة الأردنية سارعت الى اتخاذ خطوات عملية، استهلتها بإعلان المتحدث الرسمي باسمها، محمد المومني، في الرابع عشر من آب، وبعد تقدم الجيش السوري على الحدود، أن فتح معبر نصيب على الحدود مع سوريا، فيه مصلحة مشتركة لسوريا والأردن.
دمشق تلقفت رسالة عمّان تلك، ليعود المومني ويعلن الجمعة، ان علاقات بلاده مع سوريا ستشهد منحى إيجابياً يتسم بالزخم، معتبراً ان صناع القرار السوري يدركون الموقف الأردني، الحريص على وحدة التراب السوري ومؤسسات الدولة السورية، مذكراً في الوقت ذاته، ان السفارة الأردنية في عمَّان لا زالت تعمل.
تصريحات المومني الأخيرة، تزامنت مع زيارة وفد نقابي وسياسي أردني لدمشق، وذلك لتهنئة الشعب السوري على ما وصفه الوفد بـ"حسم المعركة وصد المؤامرة على سوريا".
أوساط سياسية اعتبرت سماح السلطات الأردنية للوفد بزيارة دمشق اقرب لرسالة سياسية للتقارب مع الأخيرة، في وقتٍ بينت مصادر أردنية، أن معبر نصيب الحدودي، سيعاد فتحه قريباً.
المواقف الأردنية الجديدة تمثل انعطافة كبيرة في الأزمة السورية، لا سيما وان الملك الاردني، عبدالله الثاني، كان دعا في أكثر من مناسبة الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، معبراً عن استحالة وجود دورٍ للرئيس الأسد في مستقبل سوريا.
التطورات العسكرية في الجنوب السوري، وما رافقها من تراجعٍ للدور الأميركي، جميعها عوامل وضعت الأردن امام خياراتٍ محدودة، لا يمكن القفز فوقها. عمّان التي كانت منذ أشهر وتحديداً في أيار الماضي، تقيم على أراضيها مناوراتٍ مشتركةٍ مع واشنطن تحت عنوان "الأسد المتاهب"، مصحوبةً بتهديداتٍ لتدخلٍ عسكري في الجنوب السوري بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، إنتقلت الآن الى الرغبة في التنسيق مع حكومة دمشق، من أجل تأمين الحدود بين البلدين، وفيما كان التحالف الأردني-الأميركي يخطط لفتح خطٍ عسكري باتجاه دمشق، انطلاقاً من الحدود، كان للجيش السوري وحلفائه خطواتٍ عكسية، أرغمت الحكومة الأردنية على تبديل تموضعها، بإعلانها الحرص على سير الأمور الأمنية بالاتجاه الصحيح في سوريا، ليس فقط عند المعبر، وأيضاً بشأن الطريق الدولي في ما بعد المعبر.