بعدما صمدت دمشق وحلفاؤها في وجه الإرهاب، شهدت الأزمة السورية تبدلاً وتغيراً واضحاً وملموساً في مواقف دول إقليمية وغربية كبيرة وفاعلة، وفي خطاب الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، الأخير ضمن احتفال "التحرير الثاني"، تطرق لمسألةٍ أضحت تتصدر المشهد السياسي في ما يخص الأزمة السورية.
تقرير عباس الزين
المشهد الذي يعتبر انعكاساً لإنجازات الجيش السوري وحلفائه في الميدان، اختصره السيد نصرالله بـ"دعوته الحكومة اللبنانية لترتيب العلاقة مع سوريا"، انطلاقاً من أن "الفرنسي والبريطاني والأوروبي تراجعوا"، كاشفاً في الوقت ذاته، عن "فتحٍ لبعض دول الخليج الخط مع الرئيس الأسد من تحت الطاولة".
تصريحات السيد نصرالله، تشير الى تغيراتٍ جذرية في المواقف الدولية، من مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وصولاً الى مسار المفاوضات، توجتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ يومين خلال مؤتمرها الصحافي السنوي، باعتبارها أن الرئيس الأسد يحظى بقوة في بلاده، معترفةً بأنه أقوى مما هي ترغب.
المواقف الفرنسية من الأزمة السورية، بدت معالم تغيرها واضحة مع انتقال السلطة من الرئيس فرانسوا هولاند، الى إيمانويل ماكرون، حيث بدأ الأخير عهده بالتشديد على أن أولوية بلاده تكمن في محاربة تنظيم "داعش"، مؤكداً أنه لا يرى أي بديل شرعي للرئيس السوري بشار الأسد. مواقف ماكرون تقاطعت مع موقف وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الذي اعتبر أن رحيل الأسد "ليس شرطاً مسبقاً"، واصفاً تبديل الخطاب البريطاني من سوريا بـ"الواقعية النفعية".
آخر سفير أميركي لدى دمشق، روبرت فورد، والذي يعتبر عرَاب الحرب على سوريا، لما شكله من دورٍ محرضٍ على الحكومة السورية مع بداية الأزمة، أطلق تصريحات حاسمة، خلال لقائه الأخير مع صحيفة "ذا ناشيونال"الإماراتية، لافتاً الى أن "الحرب في سوريا تتلاشى شيئاً فشيئاً، وأنّ الأسد "انتصر وسيبقى في السلطة"، في حين أن قائد القوّات الأمريكية الخاصة الجنرال توني توماس، كان لفت الى أن وكالة الاستخبارات المركزيّة الأمريكية "سى آى إيه" أنهت برنامجها لدعم ما وصفته بـ"فصائل معارضة سورية" بدأته منذ 4 سنوات.
الأردن، الذي يعدّ أحد أقوى مؤيدي "المعارضة" والمجموعات المسلحة، شكّل إعلان حكومته، بأن "العلاقات الثنائية مع دمشق تسير في الاتجاه الصحيح"، منعطفاً في مسار الأزمة، لا سيما وأن عمّان تستقبل غرفة "موك" التي تديرها واشنطن، والداعمة مالياً وعسكرياً ولوجستياً للمجموعات المسلحة. يأتي ذلك، بالتزامن، مع نقل صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن مسؤولين غربيين قولهم، إن السعودية لم تعد تأبه لسوريا، وهو ما عززه نقلها الملف السوري الى حليفتها القاهرة، في وقتٍ كانت أكدت أوساط "الهيئة العليا للمفاوضات"، بأنّ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أبلغ "المعارضة" بضرورة التعامل مع واقع، أن الرئيس السوري بشار الأسد باقٍ في السلطة.
قطر أعربت عن دعمها للجهود الروسية بحل الازمة الخليجية، سبق ذلك قيامها بتقليص تمويل ما يسمى بـ"الائتلاف الوطني السوري" المعارض. أما عن حليفتها تركيا، المشغولة بمحاربة الطموحات الكردية، فيشير أحد قادة "المعارضة" لصحيفة "الغارديان"، الى أن التحول في موقف أنقرة حول سوريا، "بدأ منذ نحو عام إذ أخبرهم الروس أنَّهم سيمنعون الأكراد من السيطرة على الحدود"، في حين تتحدث الصحف التركية الموالية للحكومة، عن امكانية قيام عملية عسكرية ايرانية-تركية مشتركة، ضد الإرهاب.
أمام هذا المشهد الدولي والإقليمي، فإن فتح خطٍ مع دمشق، أكان فوق الطاولة أم تحتها، لم يعد ذي أهمية. جميع الإتجاهات والأماكن أصبحت تحت الأضواء الكاشفة، لدمشق وحلفائها.