يسعى ولي العهد محمد بن سلمان إلى ضم “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” إلى الشؤون الإسلامية، في إطار ما يسميه “إصلاحات” ستصطدم بالأرضية الدينية التي تأسس عليها حكم آل سعود.
تقرير عباس الزين
في تناغمٍ مع توجهات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرامية إلى الحد من نفوذ التيار الديني، ضمن ما يسميها “إصلاحات”، يعتزم مجلس الشورى السعودي التصويت الأسبوع المقبل على مقترح بضم الشرطة الدينية المعروفة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لوزارة الشؤون الدينية في مسعى إلى إنهاء نشاطها نهائياً.
توجت الخطوة مساراً برز في نهاية عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلاّ أنّ تهميشها بدرجة كبيرة تمّ في عهد الملك سلمان بتوجيهات من نجلة ولي العهد. ففي مايو / أيار 2017، أطلق محمد بن سلمان خطة تطوير وتعزيز العمل الميداني للرئاسة العامة لـ”هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، والتي تم تطبيقها كمرحلة تجريبية لمدة شهرين في منطقة الرياض.
وكشفت الهيئة، وفقاً لصحيفة “الرياض” السعودية، عن ملامح خطة التطوير والتعزيز والتي تحصر عمل العضو الميداني في “النصح والإرشاد”، فيما سيتم تحويل جميع البلاغات من الفرق الميدانية عبر نظام “أمان” إلى جهات الاختصاص.
وحصرت مهام العضو الميداني في قيامه “بالنصح والتوجيه عند مشاهدته لأي منكر”، والرفع بحسب المعلومات المتاحة بجميع “المنكرات”، التي لم تتغير بـ”النصح والتوجيه”.
في أبريل / نيسان 2016، توّجت حملة الانتقادات التي قادها معارضو الهيئة الدينية أو “الحسبة”، كما كان اسمها عند التأسيس، بصدور قرار حكومي غير مسبوق، قلّص من صلاحياتها ومنع أعضاءها من إيقاف الأشخاص، أو التحفظ عليهم، أو مطاردتهم أو طلب وثائقهم، أو التثبت من هوياتهم أو متابعتهم، ليقتصر دورهم على إبلاغ أفراد الشرطة أو إدارة مكافحة المخدرات عن الاشتباه في شخص معين.
الشرطة الدينية البالغ عدد عناصرها نحو 5 آلاف مطوّع كانت قبل صدور قرار تقليص صلاحياتها تسيّر دوريات في المناطق العامة لتطبيق حظر المشروبات الكحولية، وتشغيل الموسيقى الصاخبة في أماكن عامة، والتأكد من إغلاق المحال وقت الصلاة، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم، وتفرض أيضاً “ضوابط للحشمة” في ملابس النساء، ولديها وحدة خاصة بجرائم ابتزاز الفتيات، ومن شأن بقاء صلاحياتها التصادم مع “هيئة الترفيه” التي يسعى محمد بن سلمان من خلالها إلى إحداث تغييرات حادة في المجتمع.
تصطدم خطط محمد بن سلمان بأنماط الثقافة والاجتماع السائدة في المملكة منذ عقود، خاصة وأنها تمس بصورة مباشرة بدور رجال الدين الرسميين والمستقلين في المجال العام، ما كشف حدود سلطة الدولة، وأبرز الرأي العام الرافض لهذا التحوّل السريع، ولم يقتنع كثيرٌ من الإعلاميين والمثقفين وأصحاب الرأي العام بعد، بأنَّ تغييراً بهذا الحجم هو في مصلحتهم.