بينما كان عموم رجال الدين السعوديين يفتون بتحريم قيادة المرأة للسيارة وهو ما يتماشى مع إصدارات عديدة لهيئة كبار العلماء، تبين أن موقف المؤسسة الدينية في السعودية يتغير تماشيا مع القرارات السياسية فيها.
تقرير هبة العبدالله
القيادة السياسية في المملكة السعودية تدعم قراراتها بفتاوى المؤسسة الدينية. تشريعات دينية تفصل على قياس النظام السعودية ويسخر الدين وأحكامه في خدمة السياسة ومصالحها.
يقرر الملك سلمان منح النساء السعوديات رخصا للقيادة داخل المملكة خلافا للفتوى القديمة التي كانت قد نشرتها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بحرمة القيادة للنساء، لما فيها من مفاسد. فتحذف الفتوى وتظهر هيئة كبار العلماء المسلمين كدعامة للقرارات الملكية فتحل وتحرم وفقا لما يراه النظام مناسبا لسياساته.
وبعبارة وفق الضوابط الشرعية فإن الهيئة التي أفتت مؤخرا أن قيادة المرأة السعودية أمر مباح تخرج نفسها من مأزق التناقض وتخلي مسؤوليتها من التباعد في التصريحات، وهي التي كانت قدد جددت مؤخرا أيضا التحذير من فتن قيادة المرأة للسيارة وطالبت بعدم السماح بها.
القرار الذي يجده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مكملا لمشروع وصوله إلى الحكم وتثبيت ركائز توليه العرش، يلغي فتاوى عديدة أصدرها علماء المملكة بينهم صالح الفوزان ومحمد بن عثيمين بتحريم قيادة المرأة للسيارة ورفض منحها هذه الحرية لمحاذير كثيرة.
لكن ما تراها المؤسسة الدينية الوهابية مفاسد وفتنا اجتماعية تحلل في سياق سعي المملكة لتنفيذ رؤية 2030 الإصلاحية التي يتبناها ولي العهد والتي تتضمن وعودا يتحقيق ترفيه وانفتاح اجتماعي للسعوديين والسعوديات.
وفي هذا الإطار يأتي حديث الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبد اللطيف آل الشيخ، عن أن تفكير المجتمع يتغير وأن كل شيء في السابق كان محرما تقريبا في السعودية وبدأت الأمر تتغير تدريجيا وهذا يفتح الباب أمام توقعات بفتاوى جديدة معاكسة لسابقاتها.
لكن تغير تفكير المجتمع الذي يتحجج به العلماء لبرير تناقضهم المتماشي مع مصلحة ولي العهد يلغي أحد أهم مزايا الشريعة، وهي أن تكون صالحة لكل زمان ومكان لتتحول الفتاوى التي تصدرها هيئة كبار العلماء إلى أحكام خاضعة لمصلحة الحاكم.