قرابة الأربعة عقود مرّت منذ ثورة محرم 1400 للهجري، ولا تزال الرياض مصرة على اللجوء إلى الخيار الامني في مواجهة اي تحرك مطلبي على أراضي المملكة.
تقرير رامي الخليل
ما أقرب أحداث ثورة محرم 1400 هجري التي انطلقت في القطيف والاحساء إلى ما يعيشه المكون الشيعي في السعودية هذه الأيام، وقد تعاقب على حكمها خلال 39 عاماً الملوك وتغيرت وجوههم، فيما بقيت سياسات القمع والتهميش على حالها، بل زادت وحشيتها وتطورت معها أساليب ترهيب النظام للمواطنين في تلك المنطقة على وجه الخصوص.
ثورة محرم في عام 1979 ميلادي، والتي بدأت شراراتها الأولى في القطيف وامتدت إلى بقية مناطق المحافظة بالإضافة إلى الأحساء، هدفت للمطالبة بالإصلاحات تحصيل الحريات وإطلاق المعتقلين، ورفضاً لسياسات التهميش والاقصاء، لكن وحشية قوات الحرس الوطني بقيادة الأمير عبدالله آنذاك نجحت في إجهاضها؛ وقد أسفرت حينها عن استشهاد أكثرَ من 23 شخصاً وإصابة المئات، فضلاً عن تسجيل أكثر من ألفي حالة اعتقال.
اتخذت سلطات آل سعود من الثورة ذريعة لإنزال أقصى أنواع العقاب الجماعي. وعلى امتداد السنوات، استخدمت الرياض سلاح الفتاوى الدينية، فجندت دعاتها لتحريم التعاطي مع أبناء المكون الشيعي كافة، كما ضمَّنت مناهجها الدراسية الكثير من التحريض. وفي عام 1987، خلال عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، صدر قرار بحظر توظيف أبناء المنطقة في شركة "أرامكو".
رحلة آلام أبناء القطيف لم تجد نهاياتها، وحيث فشلت السلطات عبر السنين بقمع المطالبات الحقوقية، وبالتزامن مع ما سُمي بالربيع العربي في عام 2011، عادت ثورة محرم 1400 لتجد امتدادها في القطيف وفي العوامية على وجه التحديد، حيث خرجت التظاهرات المطلبية التي كشفت طائفية النظام ووحشيته أمام العالم أجمع، فكان استشهاد الشيخ نمر النمر ومعه أكثر من 80 آخرين، فضلاً عن مئات الجرحى برصاص قوات النظام، إضافة إلى مئات المعتقلين الذين صدر بحق العشرات منهم أحكام إعدام.
على الرغم من مرور قرابة الأربعة عقود من الزمن، لا تزال المنطقة الشرقية تشهد حالة من عدم الاستقرار والتوترات، نظراً إلى تعنت نظام آل سعود وتمسكه بالخيار الأمني لمواجهة المطالب المحقة، فيما لم يُظهر يوماً حكام الرياض أي توجه للسير بخيار الاصلاح وتطبيق مبدأ المساواة بين المكونات الشعبية كافة.