سياسات الرئيس الأميركي غير الواضحة والمضطربة وتنامي الدور الإيراني، عاملان دفعا الرياض في اتجاه موسكو.
تقرير عباس الزين
فيما تؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن زيارة الملك سلمان إلى روسيا لن تبعد الرياض عن واشنطن، يوضح الكرملين بأن التعاون مع السعودية لن يلحق أي ضرر بالعلاقات الروسية – الإيرانية.
ما بين هذا وذاك، تتنقلّ السعودية في محاولةٍ لاستيعاب عاملان مرتبطان ببعضهما ومؤثران على تموضعها الإقليمي. الفراغ الذي خلفته سياسات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، غير الواضحة، وما قابله من دورٍ إيراني أكبر ومتنامي في ملفات المنطقة، لتجد الرياض نفسها أمام خيار موسكو.
بخيارها هذا، توصل رسالةً إلى واشنطن مفادها أن الرياض قادرة على التحليق خارج السرب، وتحاول في الوقت نفسه تقويض الدور الإيراني المتصاعد، وفق صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، التي اعتبرت أنّ دوافع الملك سلمان من الزيارة تعود إلى حاجة السعودية لتعزيز العلاقات مع روسيا، في ظل تراجع الوجود الأميركي في الشرق الأوسط.
تنطلق الأبعاد السياسية للزيارة من الجوانب الاقتصادية المشتركة. وأوردت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريراً أكدت فيه أنه من المتوقع أن يركز الاجتماع الروسي – السعودي، على سوق النفط والحرب السورية، في حين اعتبرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن زيارة الملك سلمان إلى موسكو كان لا يمكن تصورها حتى قبل عامين، بعد أن دخلت روسيا الحرب السورية، إلى جانب الرئيس بشار الأسد ضد المجموعات المسلحة المدعومة من الرياض.
غيّرت التطورات الإقليمية والسياسية والاقتصادي الأولويات السعودية، إذ تأتي الزيارة قبل شهر من اجتماع لمنظمة "أوبك" سيناقش خلاله تمديد اتفاق خفض الإنتاج، والذي كان كلٌ من روسيا والسعودية شريكان أساسيان به. وفي وقتٍ تدان فيه السعودية بجرائم حربٍ وانتهاكاتٍ لحقوق الإنسان، تقدّر عقود صفقات الأسلحة والنفط التي ستوقع بينها وبين روسيا خلال الزيارة، بمبالغ تتجاوز أكثر من 6 مليارات دولار، من بينها صفقة لشراء منظومة "S-400" الدفاعية.
تناور الرياض بما في جعبتها لطرح نفسها كحليفٍ لروسيا في المنطقة على حساب إيران، بيد أن تراجع دورها في سوريا لصالح تركيا، وعدم تمكنها من تجيير النزاع الخليجي مع قطر لصالحها، في ظلّ غياب الدور الأميركي، جميعها عوامل تجعل السعودية بالنسبة إلى روسيا شريكٍ قابلٍ للتفاوض ليس إلا، بما يتناسب مع دوره الإقليمي والمصالح الروسية.