انتخبت حركة "حماس" صالح العاروري نائبًا لرئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنيّة، وهي خطوة حملت أبعاداً سياسية وعسكرية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
تقرير ابراهيم العربي
باب المفاجآت الذي فتحته "حماس" بإعلانها انتخاب صالح العاروري نائبًا لرئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، يحمل في طياته الكثير من الرسائل التي تحتاج إلى قراءة دقيقة ومتأنية.
لمن لا يعرف العاروري فهو يشكل رمزًا لأبناء حركة "حماس" في الضفة الغربية، وغالبية هؤلاء يرون الرجل قائداً ومعلماً وصاحب تاريخ يؤهله لما وصل إليه، ولعل اختيار للعاروري في هذا الموقع تهدف من خلاله إلى إيصال رسالة للداخل الفلسطيني عنوانها أن الحركة اختارت في رئاستها قادة الجناح العسكري كدليل على أنها ستواصل نهجها المقاوم، لا سيما وأن العاروري تحول بعد عام 2014 إلى المطلوب رقم واحد للاحتلال.
اختارت "حماس" غالبية قيادتها الجديدة ممن واجهوا الاحتلال بشكل مباشر واشتبكوا معه قبل الأسر وبعده، حتى أن حركة "فتح"، بعد اختيار "حماس" يحيى السنوار قائداً لها في غزة، والعاروري نائباً لرئيس مكتبها السياسي، ستكون مضطرة لأن تمنح دورا أكبر لعضو لجنتها المركزية مروان البرغوثي، وهو الوحيد القادر على مواجهة قادة "حماس" الجُدد بالمعنى الشعبي.
أما إسرائيل، فهي أكثر من يعرف العاروري، وقد واجهته على مدار ربع قرن وفاوضته بشكل مباشر داخل السجون، وفاوضته بشكل غير مباشر في قضية جلعاد شاليط، وتعرف كيف يفكر الرجل الذي يمثل الضفة الغربية في المكتب السياسي لـ"حماس"، وإلى جانبه عدد من القادة الميدانيين في الانتفاضة الأولى والثانية أمثال زاهر جبارين وموسى دودين وحسام بدران. وعليه، فإن تل أبيب هي أكثر من يفهم معادلة "حماس" وإلى أين ستتجه الحركة على الأقل في السنوات المقبلة.
إقليميًا، يعتير العاروري رجلاً مقبولاً لدى حلفاء "حماس" لا سيما التاريخيين منهم، فالعاروري عاش لثلاثة أعوام في سوريا يوم كانت مقرًا لقيادة الحركة، والرجل في الأزمة السورية لم يعلن يومًا موقفًا يؤذي القيادة السورية، كما فعل قادة آخرون في "حماس" بل التزم الصمت، وحين استقر العاروري في لبنان وتحديدًا في الضاحية الجنوبية أرسل رسالة واضحة للجميع بأنه هو من يصيغ العلاقة الجديدة مع محور المقاومة بقيادة طهران، وخلال وجوده في لبنان عقد لقاءات معمقة مع الإيرانيين وتوجه إلى طهران ليعلن تدشين العلاقة معها.