واشنطن ترفع العقوبات الإقتصادية عن الخرطوم، بعد مسارٍ سياسي وعسكري سوداني، منخرط في الخيارات الأميركية-السعودية للمنطقة.
تقرير عباس الزين
في خطوةٍ جديدة، توضح حجم الرضا الأميركي على الدور السوداني المتماهي مؤخراً، الى حدٍّ كبيرٍ مع التوجهات السعودية في المنطقة، وافقت واشنطن على رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، بعد وساطاتٍ من الرياض، بدأت مفاعيلها تظهر في ظلِّ ولاية الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وامتدت إلى الرئيس الحالي، دونالد ترامب.
الولايات المتحدة ألغت رسمياً، الجمعة، قرار الحظر الاقتصادي الذي فرضته قبل 20 عاماً على السودان، والذي كان أوباما قد رفعه بشكل جزئي قبل مغادرته البيت الأبيض، غير أن السودان سيظل على لائحة "الدول الراعية للإرهاب"، مع بقاء بعض العقوبات ضد الخرطوم خصوصاً في مجال الأسلحة. يأتي ذلك بعد أيام من تصريحٍ للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، اعتبرت فيه "أن أفعال حكومة السودان في الأشهر التسعة الأخيرة تظهر أنه يأخذ على محمل الجد التعاون مع الولايات المتحدة".
السودان من جهته رحّب بهذه الخطوة، ورأى فيها "قرارا إيجابياً" من جانب واشنطن. وكان الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، قد شكر الملك سلمان، معبراً عن امتنانه لما وصفها بـ"جهود" السعودية لرفع العقوبات.
دخول الخرطوم ضمن تحالف العدوان الذي تقوده الرياض على اليمن، وطرد السفير الإيراني بطلبٍ سعودي، وإقفال مراكز البعثات الثقافية التابعة للجمهورية الإسلامية في السودان، جميعها إشارات شكّلت أوراق اعتمادٍ وضعها البشير تحت تصرف الرياض، بعد وعودٍ كثيرة قدمتها الأخيرة للخرطوم، لم تترك مجالاً للشك حول أسباب الإنسياق الأعمى، تتلخص بضخ استثمارات ضخمة في القطاعات السودانية، تقدّر بما لا يقل عن 300 مليار دولار، وما تلا ذلك من تدفق رؤوس أموال خليجية من السعودية والإمارات، إلى السودان.
رفع العقوبات الإقتصادية أو إبقائها، لا علاقة له بالملف الحقوقي لحكم البشير، بل يرتبط بشكلٍ أساسي بسياسات الخرطوم، ومدى تأقلمها مع التوجهات الأميركية في المنطقة، وإلا لكانت تلك العقوبات قد رفعت، قبل ابتعاد السودان عن إيران. السعودية من جهتها ترى في السودان، الى جانب كونه جيشاً تحت أمرتها، بوابة لغزو أفريقيا، وهو ما اعترف به مدير مكتب الرئيس السوداني، الفريق طه عثمان، بقوله إن السودان نظم خلال العامين الماضيين عشرين زيارة لرئيس أفريقي للرياض، وأنه ساعد في ترميم العلاقات بين جنوب أفريقيا والسعودية.