توجه أصابع الإتهام في تفجيري العاصمة الصومالية مقديشو الدمويين نحو الإمارات، نظراً إلى خلافتها المتجددة مع البلد الأفريقي الطامعة فيه.
تقرير عباس الزين
تحوم شكوكٌ كثيرة حول الجهات التي نفذت إحدى أقوى التفجيرات التي شهدتها العاصمة الصومالية مقديشو، في أكثر الأماكن حيوية، وبالقرب من وزارة الخارجية والسفارة القطرية، مع عدم قدرة ما تسمى بـ"حركة الشباب"، والتي تتبنى عادةً العمليات الإرهابية في البلاد، على تنفيذ مثل هذا التفجير بهذا الحجم.
ورجّح مراقبون أن تكون الإمارات وراء التفجرين، نظراً إلى خلافات قديمة متجددة مع الحكومة الصومالية، يتداخل فيها التنافس التركي – الإماراتي المتصاعد بشدة خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما في الإنتخابات الرئاسة وما تبعها، حيث استثمرت أبو ظبي في عدد من المقربين منها، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق، حسن شيخ محمود، الذي سهل بشكل ما سيطرة الإمارات على الموانئ الصومالية، وفي مرشحين آخرين مقربين منها. إلا أن عبد الله فارماجو، فاز في النهاية بالرئاسة، بخلاف رغبة الإماراتيين، وعلى الرغم من اختياره السعودية كمحطة أولى لزيارته الخارجية بعد انتخابه، فإن أبرز مطالبه من الرياض كان الضغط على أبو ظبي، لوقف بناء القاعدة العسكرية في بلاده.
لم يكتفِ الرئيس الجديد بوقف بناء القاعدة، بل قدّم شكوى ضدّ أبو ظبي متهماً إياها بـ"انتهاك القانون الدولي"، إذ أن أبو ظبي اتفقت مع "جمهورية أرض الصومال" غير المعترف بها دولياً، لبناء القاعدة. وفي مقابل رفضها لإنشاء أي قواعد عسكرية إماراتية، سمحت الحكومة الصومالية بافتتاح أكبر قاعدة لتركيا خارج حدودها في سبتمبر / أيلول 2017، جنوب العاصمة مقديشو، بالتزامن مع الأزمة الخليجية، التي رفضت فيها الأخيرة اتخاذ موقفٍ ضد الدوحة، ما اعتبرته أبو ظبي موقفاً عدائياً، إذ أن الصومال سمحت لأبرز حلفاء قطر بالحضور عسكرياً على أراضيها، ورفضت حضور أبو ظبي.
يشكّل خسارة الإمارات لنفوذها في الصومال، وفق متابعين، أحد أهم الأسباب التي ممكن أن تدفعها إلى إخلال الأمن في مقديشو بعد ما يقارب السنة من الهدوء، في حين أن أبوظبي مستعدة للذهاب أبعد من ذلك، من أجل الحضور في منطقةٍ تشكل أهمية جيوسياسية كبيرة لها، كونها تطل على خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، ما يؤمن للإمارات نفوذاً إقليمياً ودولياً، وتأميناً لوجودها العسكري المتنامي جنوب اليمن.