يلقي انكسار المشاريع التقسيمية في العراق من بوابة كركوك بظلاله على التحركات الانفصالية في الشمال الشرقي لسوريا، مع تقدم الجيش السوري في دير الزور.
تقرير عباس الزين
على أكثرِ من جبهة، سُمعت أصداء سيطرة الجيش العراقي على محافظةِ كركوك، وإفشاله لمشاريع الانفصال والتقسيم.
يواجه الشمال السوري أيضاً حركةً انفصالية تبدو خجولة حتى الآن في إعلان نفسها وطرح برنامجها، لكنها لا تختلف من حيث الخلفيات والتأثيرات الإقليمية مع نظيرتها العراقية. إذ جاء توسعها، تحت ذريعة محاربة تنظيمِ “داعش”، وتشكل واشنطن الداعم الأبرز لها، عسكرياً.
وكما كان مسعى انفصاليو إقليم كردستان، تحاول “قوات سوريا الديمقراطية” التي تشكل غطاءً عسكرياً باسمٍ مختلف لـ”وحدات حماية الشعب الكردي”، التابعة لـ”الاتحاد الديمقراطي”، لتعزيز نفوذها عبر السيطرة على أجزاٍء من محافظة دير الزور الغنية بالثروات الطاقية، وذلك لتوفير مقومات الحياة لحكمهم الذاتي كمقدمة للانفصال، والتفاوض على هذا الأساس.
ولدَ مشروع انفصال إقليم كردستان – العراق ميتاً، وتطال تأثيراته بشكلٍ مباشر الحركات الانفصالية في سوريا التي كانت معتمدة على مصير استفتاء كردستان.
أعلنت دمشق مؤخراً أن إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا أمر قابل للتفاوض والحوار، في حال إنشائها ضمن إطار حدود الدولة، وبعد الانتهاء من محاربة “داعش”، وهي فرصة قدمتها دمشق للأحزاب السياسية الكردية من أجل اللحاق بالدولة السورية، التي باتت تسيطر على أجزاءٍ واسعة من الشرق السوري. جاء ذلك، في ظلّ استفزازات عسكرية مارستها القوات الكردية ضد الجيش السوري في دير الزور والحسكة، بتحريض من الولايات المتحدة.
واشنطن أبرز داعمي “قوات سوريا الديمقراطية”، والتي وقفت على “الحياد” في أحداث كركوك، وتركت رئيس الإقليم مسعود البارزاني لمصيره المشؤوم، من غير المستبعد أن تسحب قواتها من شمال شرق سوريا، في ظلِّ التقدم الذي يحرزه الجيش السوري وحلفائه، بعد أن تغلق جميع أبواب التفاوض بين القوات الكردية والحكومة السورية، مع عدم وجود أي سياسة أميركية واضحة حتى الآن في الشرق السوري، وتشديد من قبل دمشق على استعادة جميع الأراضي السورية من المجموعات المسلحة.
في هذه الحال، سيدفع الأكراد ثمن ثقتهم بالأميركيين، كما ذكر روبرت فورد، آخر سفير اميركي، لدى سوريا.