تقرير عباس الزين
على الرغم من ادعائها دعم وحدة العراق، كانت السعودية الداعم الأبرز لانفصال إقليم “كردستان”، ضمن استراتيجيةٍ أثبتت فشلها في مواجهة إيران.
علل الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، الأسباب الكامنة خلف الدعم السعودي لانفصال إقليم كرستان عن العراق بالقول، إن “تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ترك السعودية في حالة ضعف غير مسبوقة، هو ما دفعها إلى الدخول في لعبة مع الأكراد من أجل الحد من النفوذ الإيراني”.
وتطرق هيرست، في مقالٍ نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إلى الدور الحقيقي لكل من السعودية والإمارات من الأزمة بين إقليم كردستان من جهة، والعراق ودول الإقليم إيران وتركيا من جهة أخرى، معتبراً أن الملك سلمان “اتخذ موقفا كلاسيكياً أمام وسائل الإعلام، حيث عبر عن دعمه لوحدة العراق، ولكن وراء الكواليس أرسلت الرياض سلسلة من المبعوثين من أجل تشجيع رئيس اقليم كردستان العراق المنتهية ولايته مسعود البرزاني في مشروعه الهادف لتقسيم البلاد وتهديد وحدة الأراضي التركية والإيرانية”.
الجنرال المتقاعد أنور عشقي، الذي يشغل حالياً منصب “رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط” في جدة، كان أحد هؤلاء المبعوثين السعوديين، وهو قال لمجلس العلاقات الخارجية الأميركية إن إنشاء كردستان الكبرى سيؤدي إلى تقليص الطموحات الإيرانية والتركية والعراقية.
إشارة أخرى تم إرسالها في مارس /آذار 2017 من قبل مستشار القصر الملكي السعودي، عبد الله الربيعة، الذي قال لصحيفة “عكاظ”، حينذاك، بأن “كردستان العراق تمتلك قدرات اقتصادية وثقافية وعسكرية وسياسية عالية، وهي مؤهلات لا يمكن لإيران وتركيا تقويضها”، حسب تعبيره.
أما عن موقف الإمارات الحليف الأكبر للسعودية، فيشير هيرست إلى أن أبو ظبي تتبنى الموقف السعودي نفسه، حيث تؤكد مصادر مطلعة أن مسرور بن مسعود البرزاني، وهو رئيس مجلس الأمن القومي في الإقليم، قام بزيارة سرية إلى أبو ظبي قبل شهر واحد من تاريخ الاستفتاء في 25 سبتمبر / أيلول 2017، في وقتٍ تقاطعت فيه معلومات حول تعهد أبوظبي لأربيل بتمويل مشروع الاستفتاء.
لم تتمك السعودية وحليفتها الإمارات من تقديم شيء إلى رئيس البرزاني، في الوقت الذي لعبت فيه الجمهورية الإسلامية الدور الأبرز في التوصل إلى حلٍّ بين الحكومة العراقية وقوات “البشمركة” التابعة لـ”حزب الاتحاد الوطني”، ما أدّى إلى تجنب الطرفين الصدام العسكري المباشر. ويلفت الكاتب البريطاني الانتباه إلى أن “السعودية أضعف إقليميا من أي وقت مضى”، متسائلاً بالقول: “هل سوف ترى وتتعلم في كل مرة تلعب بها لعبة العروش وتخسر؟”.