تتعدَّدُ الأسبابُ التي تقفُ وراءَ البارانويا السعودية، بداية مع المرضُ النفسيُّ الذي يمكنُ تفسيرُه بجنونِ الارتياب، الثوراتُ العربية، سياساتُ باراك أوباما، وانهيارُ أسعارِ النفط، بعضٌ من الأسباب.
المسؤولون السعوديون باتوا يفترضون أن الإبقاء على عقيدتهم الأمنية التقليدية لم يعد مجديًا، وباتوا يتصوّرون أن الضمان الوحيد لأمنهم هو ردّهم باستخدام قوّتهم الخاصّة .
بهذا التحليل، افتتح البروفيسور المتخصص بتاريخ الشرق الأوسط جيمس غيلفن مقاله في موقع “ذا كونفرزيشن”. المقال الذي حاول من خلاله الكاتب البحث في أسباب تحوّل المملكة في سياساتها الخارجية من الاعتماد الكلي على الحماية الأمريكية والثروة لشراء الحلفاء ودفع الأعداء إلى نمط الحروب المباشرة، تناول نماذجا من هذا التحول في ملفات التدخل العسكري في البحرين والحرب على اليمن والإنقلاب في مصر، فضلا عن دعم الحركات المسلّحة في ليبيا وسورية، وصولًا إلى حصار ومقاطعة قطر.
وتحت عنوان “لماذا أصبحت السعودية فجأة مذعورة”؟ ، يرى الكاتب أنه ثمّة ثلاثة أسباب تقف وراء ما سماها البارانويا السعودية وهي: الثورات العربية، وسياسات باراك أوباما، وانهيار أسعار النفط.
فالثورات العربية نظرت اليها السعودية بأنها كارثة محتملة، تهدد النظام الإقليمي وأساسات الشرعية الحاكمة في السعودية مع توسيع نطاق الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان في المنطقة.
ويضيف غيفلن، أن السعوديين كانوا يخشون من أن تمهّد الثورات الطريق لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما قاد إلى تدخّل السعودية في اليمن والبحرين. كما أن الثورات هددت بتمكين “الإخوان المسلمين”، والحركات التي على شاكلتها.
أما السبب الثاني لحالة “البارانويا” السعودية فيعود الى سياسة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما تجاه الشرق الأوسط وتطلعه إلى خفض التزامات أميركا في المنطقة، وهو ما جعل حلفاء واشنطن يتحمّلون المزيد من المسؤولية في الدفاع عن أنفسهم.
ويرجع السبب الأخير في حالة “البارانويا السعوديّة”، في تقدير الباحث، إلى انهيار أسعار النفط. فاحتمالات أن تكون السعودية قادرة على تحويل اقتصادها ليست عالية. وهو يعني رمي الأداة الأكثر فاعلية لدى الحكومة لشراء ولاء المواطنين، وفرض التدفق الحر للمعلومات في بلد تندر فيه الشفافية، وفقدان السلوكيات تجاه العمل. في بلد لا تشكّل فيه النساء سوى 22% من القوى العاملة، ويتولّى فيه الأجانب، كلّ الأحمال الثقيلة.