السعودية / نيو ريبابليك – في مقاله على صفحات مجلة نيو ريبابليك الأمريكية، اعتبرَ سايمون هندرسون، وهو المتخصّص في شؤون الطاقة ودول الخليج العربي، أن الصورة الرسمية، التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية على صفحتها في موقع فليكر، لاجتماع 11 سبتمبر في جدة بين وزير الخارجية جون كيري، والملك عبد الله، ملك المملكة العربية السعودية، من الممكن أن تكون كناية عن الحالة الراهنة للعلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.
وأكد الكاتب في مقاله على أن اختيار هذا الصورة بالتحديد لنشرها على فليكر، على الرغم من أن التركيز فيها مسلط فقط على كيري والعاهل السعودي، في حين يبدو جانب الحضور من المسؤولين السعوديين مشوشًا وغائمًا، هو أمر محط تكهنات. إلّا أنه أضاف أن أحد الاحتمالات الواضحة هنا هي أن الجانب الأمريكي كان مستاءً من الحضور.
وقال هندرسون: “على الجانب السعودي، كان يوجد الأمير بندر بن سلطان، الذي خدم لفترة طويلة كسفير في الولايات المتحدة، وأصبح في وقت لاحق رئيسًا للاستخبارات السعودي، وهو الآن مستشار ومبعوث خاص للملك، وكذلك الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي (NSC). ونشر هذه الصورة الغامضة للاجتماع قد يكون فقط للتقليل من أهمية وجود هذا الشخص فيه”.
الخلاف بين بندر وإدارة أوباما جاء في الفترة بين عامي 2012 و2014، وفقًا للمقال، وكان هذا الخلاف حول موضوع مساعدة مقاتلي المعارضة في سوريا، حيث كان بندر متحمسًا لدعم هؤلاء رغم الاعتراضات الأمريكية.
“ولهذا”، يضيف الكاتب، “سرعان ما نظر إليه البيت الأبيض كمسؤول يصعب التحكم به، وبالتالي رفض العمل معه”.
ورغم أنّ الجانب السعودي استجاب للضغوط الأمريكية في نهاية المطاف، وأقال بندر من منصبه كرئيس للمخابرات العامة في نيسان/ أبريل 2014، إلّا أن بندر “استطاع الاحتفاظ بدوره الغامض كأمين عام لمجلس الأمن الوطني السعودي. وبعد ثلاثة أشهر، سارت الأمور في الرياض من جديد لصالحه، حيث نصب كمبعوث خاص للملك، ومن بعدها لوحظ وجوده في عدة اجتماعات رفيعة المستوى”، وفقًا لهندرسون.
وما يلمح له الكاتب هنا، فيما يبدو، هو وجود نوع ما مما سمّاه “النفاق السياسي” في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. حيث إن “المملكة تعتبر نفسها زعيمةً للعالم الإسلامي، ولذلك فإن هناك صراعًا وجوديًّا بينها وبين إيران من أجل الهيمنة على هذا العالم … بينما يصبّ اهتمام واشنطن الرئيس بالمملكة العربية السعودية في خانة المحافظة على دورها كأكبر مصدّر للنفط في العالم، والسماح للسعودية باستخدام نفوذها في السوق للحفاظ على استقرار أسعار النفط بحيث لا تصبح عالية جدًّا”.
ودفعت هذه المقاربة في السياسة، وفقًا لهندرسون، بالولايات المتحدة إلى التورط عسكريًّا في الخليج بعد غزو صدام حسين للكويت عام 1990، كما أنها “توضح الالتزامات البحرية والجوية المستمرة لأمريكا في منطقة الخليج … وكذلك تسامح الولايات المتحدة في كثير من الأحيان مع السلوك غير العادي للسعوديين في محاولاتهم للحفاظ على ما يعتبرونه أولوياتهم الإسلامية”.
وعن هذه الأولويات الإسلامية المزعومة للمملكة، يقول هندرسون: “حاليًا، ينكر السعوديون تقديمهم أي دعم للإرهابيين، بل وأصبحوا أيضًا يعتبرون القتال في سوريا أو توفير الدعم لمقاتلي المعارضة جريمةً جنائيةً يُحاسَب عليها مواطنوهم”. ويضيف: “ولكن هذا يتنافى مع عقود من السلوك السعودي، الذي تمثل بإرسال الشباب المتدين للقتال في أفغانستان والشيشان والبوسنة وغيرها.
كما إنّه يتناقض مع الطريقة التي تحدّث بها بندر حول الأوامر التي أعطاها له الملك عبد الله عندما عيّنه رئيسًا للمخابرات. حيث ذكر حينها بأنه قد حُمل مسؤولية التخلص من بشار الأسد، احتواء حزب الله في لبنان، وقطع رأس الأفعى (إيران)”.
واعتبر هندرسون أيضًا أنه لا يجوز الاعتماد كثيرًا على الحكمة الشائعة داخل دوائر السياسة في واشنطن، والتي مفادها أنّ الدعم السعودي للمقاتلين في سوريا لم يشمل المنخرطين في صفوف تنظيم القاعدة أو أمثالهم.
وقال الكاتب: “طيف مقاتلي المعارضة، بدءًا ممن سماهم الرئيس أوباما بالمعلمين والصيادلة، وحتى تنظيم الدولة الإسلامية، أو داعش، هو مليء بوحل من الاختلافات. وهذا ما قد يفسّر سبب رفض الأردن، الذي يقع جغرافيًا بين السعودية وسوريا، السماح لبندر بإقامة معسكرات تدريبية لمئات، وربما لآلاف، من مقاتلي المعارضة على أراضيه. حيث إنّ الجهاديين قد يؤثرون على الشباب الأردني الساخط، وسوف يزعج هذا بالتأكيد أيضًا الأسد، الذي قد يدبر القيام بأزمة لاجئين تعصف بالأردن”.
وأضاف الكاتب: “من الواضح أنّ العاهل السعودي، الملك عبد الله، كان منزعجًا من رفض عمّان إقامة معسكرات التدريب هذه، وهو ما دفعه إلى قطع جميع المساعدات عن الأردن، الذي يعاني هذا العام من ضائقة مالية وصلت إلى حد مليار دولار سنويًا”.
ورغم تكثيف الجهد الدبلوماسي في الأيام الأخيرة بين السعودية والولايات المتحدة في إطار قيام تحالف ناشئ لمحاربة مقاتلي داعش، يرجح هندرسون أن النظام السعودي سوف يستمر في محاولته “إيجاد توازن بين تهديد الجهاديين قاطعي الرؤوس، وتوجيه نكسة استراتيجية لإيران أيضًا من خلال إسقاط النظام في دمشق”.
وعن هذا، قال الكاتب: “ساهم اجتياح قوات الدولة الإسلامية لشمال العراق وغربه في الإطاحة بنوري المالكي في بغداد، وهو الذي اعتبر دمية في يد طهران، من وجهة نظر السعودية. ورغم دعم الرياض الرسمي للحكومة الجديدة في بغداد، إلا أن الكثير من السعوديين الذين يحتقرون الشيعة ربما يعتبرون اليوم أن الدولة الإسلامية تقوم بعمل الله”.
وفي ختام مقاله، وعن توقعاته بشأن الدور الذي قد تلعبه السعودية في الحلف الجديد ضد داعش، وخاصةً في ظل تخوفاتها من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، قال هندرسون: “في أسوأ الأحوال سوف يحددون مصالحهم الخاصة بصورة ضيقة، ودون أن يأبهوا إذا كان ذلك سيضعف مكانة الولايات المتحدة أم لا”.