تتعامل الأوساط السياسية اللبنانية مع استقالة الحكومة كأنها لم تكن، بانتظار عودة رئيسها من الرياض، مع انكشاف حقائق عن كونها قُدّمت تحت الضغط.
تقرير عباس الزين
تُجمِع المؤسسات الدستورية في لبنان، من رئاسة الجمهورية، إلى رئاسة المجلس النيابي، على رفضِ إستقالة رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري، والتعامل على كونها قائمة بانتظار عودة الحريري من الرياض، لإعلان استقالته من لبنان وتوضيح أسبابها، أو العدول عنها.
استقالة الحريري، بنظر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، هي “إعلامية سياسية غير دستورية وأقرب الى قنبلة صوتية”، معتبراً أن الاستقالة “يجب أن تكون خطية وموجهة لرئيس الجمهورية، او الحضور إلى قصر بعبدا والتصريح أمام وسائل الإعلام، وهذا ما لا ينطبق على استقالة الحريري:.
يصرّ بري على ضرورة عودة الحريري إلى بيروت قبل الحديث عن أي استقالة، وهو ما توحيه أجواء رئاسة الجمهورية أيضاً التي تعتبر الاستقالة مجرد “علم وخبر” لا تأخذ منحاها الجدّي والرسمي إلا بعد جلوس الرئيسَيْن في قصر بعبدا.
تتعامل معظم المكونات السياسية في لبنان مع الحريري على أنه قيد الإقامة الجبرية أو “رهينة” لمواقف سياسية تريد السعودية توجيهها إلى بعض الدول الإقليمية، انطلاقاً من لبنان، ويتعلق الأمر بمصير الحريري أكثر مما يتعلق بمصير حكومته، إذ أشارت مصادر مقربة من “المستقبل” إلى أنه حين صعد الحريري متوجهاً إلى الرياض، يوم السبت 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2017، لم يكن في نيتة الاستقالة، وهو ما تثبته الوقائع السياسية في الداخل اللبناني، قبيل ذهابه إلى الرياض.
تؤكد مصادر لصحيفة “الأخبار” اللبنانية أن الحريري، وبُعيد وصوله إلى الرياض، طلب منه التوجه إلى مجمع “ريتز كارلتون” لعقد اجتماعات، تمهيداً لانتقاله إلى “قصر اليمامة” للقاء الملك سلمان، ليدرك بعدها أنه قيد الإقامة الجبرية، إذ تم نقله إلى أحدى الفيلات التابعة للمجمع وليس إلى الفندق، ليتم الضغط عليه بعدها من أجلِ إعلان الإستقالة، التي سلّم بيانها مكتوباً من الديوان الملكي، وسمح للحريري بمراجعته مرتين قبل التسجيل، كما تؤكد المصادر، فيما أبلغ وزير الدولة لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، للحريري، بأنه سيتولى شرح الموقف لمن يهمه الأمر في بيروت.
حالة اللاستقرار الأمني والسياسي التي حاولت الرياض إشاعتها في لبنان، بُعيدَ استقالة الحريري، لم تلقَ تجاوباً من مختلف المكونات السياسية اللبنانية حتى المقربين من الحريري، في حين يرى مراقبون أن السعودية وضعت نفسها ضمن مرحلةِ اللاعودة، إذ أن تصعيدها لم يحقق أي نتائج ضد “حزب الله” وحلفائه، بل زادَ الضغط على حلفائها اللبنانيين، غير القادرين على إحداثِ تغيير لصالحها.