أنهت واشنطن المغامرات السعودية في لبنان بعد فشلِ الأخيرة في عزلِ “حزب الله”، وتحريك جبهاتٍ داخلية وخارجية ضده، انطلاقاً من “إقالة” الرئيس سعد الحريري.
تقرير عباس الزين
لم يكد ينتهي الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من خطابه، حتى خرج وزير الخارجية الأميركية، ريكس تليرسون، ليحذّر من استخدام لبنان لخوض “نزاعات بالوكالة” بأي صورة تساهم في زعزعة استقرار هذا البلد، في رسالةٍ تشي بأن الرهانات السعودية في العبث بالاستقرار اللبناني، بعد أزمة تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري لاستقالته، قد فشلت، وأن المهلة الأميركية التي أعطيت للرياض انقضت.
دعا تليرسون إلى احترام سيادة لبنان ومؤسساته الشرعية، في تراجعٍ أميركيٍّ واضح عن دعم خطوات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المكلفة، ما يؤكد، بحسب مراقبين، أنّ احتمال الحرب على لبنان سواء كانت إسرائيلية بحتة أو بمشاركة سعودية غير قابلة للتنفيذ.
موقف لبنان الرسمي، المتمثل برئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس النواب، وما رافقه من مواقف لـ”حزب الله” و”تيار المستقبل” وبعض القوى المسيحية، بجعل الأولوية لاستعادة الحريري وتدويل قضية إقامته الجبرية، إلى جانب اعتبار الإستقالة غير دستورية، جميعها عوامل أفشلت المساعي السعودية في جعل لبنان “ساحة حرب” مكشوفة لإسرائيل.
الاحتلال الإسرائيلي القلق من تعاظم قوة “حزب الله” وجهوزيته التامة بعد حرب السبع سنوات في سوريا، كان يحتاج إلى ظروف داخلية وخارجية تسمح بوجود شركاء فاعلين، وهو ما وعدهم به السعوديون بعد طلبهم بشن حرب قاضية ضد “حزب الله”، الأمر الذي أكده السيد نصرالله في خطابه الأخير قائلاً بأن “تلك معلومات وليست تحليلاً”.
كانت تل أبيب تنتظر من الرياض إسقاط الدولة والمصالحة السياسية وتحريك الشارع لتوحيد المتطرفين في جبهة واحدة سياسية وعسكرية، إلى جانبِ تحريك المخيمات، قبل الدخول بأي ضربةٍ عسكرية، إلا أن الطاولة انقلبت على المملكة السعودية بموقف شبه جامع بضرور الحفاظ على الاستقرار، وهو ما يعود بالدرجة الأولى إلى تماسك الموقف الوطني الذي أرساه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال عون.
خسرت السعودية بتحركاتها الأخيرة الكثير من تماسك حلفائها خلفها، وانعكست محاولاتها عزل “حزب الله”، بإضافة نقاط قوة إلى عهد حليفه الأبرز، عون، بتقارب الخصوم السياسيين، إلى جانبِ خسارتها لمعركة سياسية وعسكرية أمام أنظار حلفائها الأميركيين والإسرائيليين، وهو ما أجبرهم على الهروبِ من المشهد.