تقرير محمد البدري
بدأت المشاورات السياسية في لبنان تحت رعاية رئيس الجمهورية ميشال عون. تهدف لقاءات القصر الجمهوري في بعبدا في جبل لبنان، بالدرجة الأولى، إلى إعادة إطلاق العجلة السياسية اللبنانية، لا سيما موضوع الحكومة، بعد الأزمة السياسية التي نتجت عن إعلان رئيس الحكومة، سعد الحريري، استقالته من الرياض، وموافقته بعد قدومه إلى لبنان على التريث بتقديمها، وهو ما اعتبره مراقبون، تراجعاً بانتظارِ المخرج الذي سيؤمنه عون ورئيس مجلس النواب، نبيه بري للحريري، الذي بدأ يتبلور.
ما بات واضحاً، أن السياسة التي حاولت من خلالها السعودية إحراج حزب الله داخلياً وعزله إقليمياً باءت بالفشل، وارتدت على الرياض وحلفائها. وقد اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” أن محاولة السعودية تقويض ما أسمته بـ”نفوذ حزب الله” عبر احتجاز خصمه السياسي الحريري “أفضت إلى تعزيز وضع الحزب في لبنان بعد أن ظهر الأخير، في موقف المدافع عن الحريري، ما أوجد للحزب حلفاء بالخطاب السياسي، يعتبرون من حلفاء السعودية”.
ظهرت هزيمة السعودية في مشروعها الأخير باحتجاز الحريري، وإرغامه على الاستقالة، في النتائج المترتبة على تلك الخطوة. سعت الرياض إلى تفكُّك الحكومة اللبنانية على الفور، ليضطر “حزب الله” وحلفاؤه للتنحي عن الوزارات والمناصب المهمة الأخرى، وهو ما لم يحدث قط.
شكل التماسك الداخلي اللبناني الأرضية الأساس لفشل المشروع السعودي، والذي بدأت الدول الغربية في ما بعد الخروج منه تباعاً، لما يشكله من خطرٍ على مصالحها في الشرق الأوسطِ عموماً، ولبنان خصوصاً.
وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامـر السبهان، الذي كان مكلفاً بالملف اللبناني، سمع كلاماً أميركياً حاسماً بضرورة إطلاق سراح الحريري، بعد انتهاء الفرصة التي أعطتها واشنطن للرياض لإنهاء الملف لصالحها، لينقلب الموقف الأميركي من مؤيد كامل لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى معارضٍ له. ولعلَّ تذكير الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إبن سلمان، بأنه “يكلِّم رئيس الجمهورية الفرنسية” خلال مكالمتهم الهاتفية حول احتجاز الحريري تختصر الضغوط الدولية التي رافقت فشل الرياض في تمرير أهدافها.