تقرير بتول عبدون
لم تتضح ملابسات إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري “استقالته” من الرياض والتريث فيها من بيروت.
أعلن الحريري، الذي قدم “استقالته” عبر قناة “العربية” السعودية، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الفرنسي “سي نيوز”، أنه يريد أن يبقى رئيساً للحكومة اللبنانية ويحتفظ لنفسه بما حصل معه في السعودية.
تُظهِر هذه القرارات المتضاربة التي سيطرت على الحريري الصلة الوثيقة للسعودية بالمشاكل التي تواجهه. فمن ناحية، فإن مستقبله السياسي هش. ومن ناحية أخرى، يلوح الانهيار بإمبراطوريته “سعودي أوجيه” التي بنيت على عقود من الدعم من قبل العائلة المالكة السعودية، بحسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “سعودي أوجيه” أغلقت عملياتها في المملكة في الصيف الماضي، بعدما خفضت العائلة المالكة الإنفاق على مشاريع البناء الضخمة التابعة لها بهدف التعامل مع تأثير انخفاض أسعار النفط على المالية العامة للمملكة، كما أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قلل كثيراً الإنفاق على مشاريع البناء ومن بينها تلك المشاريع التي تدعم “سعودي أوجيه”، ما جعلها غير قادرة على تسديد أجور عمالها المتراكمة.
تمثل “سعودي أوجيه” مقياساً لتأثير الرياض على الحريري وعلامة على تحول علاقته بالحكومة السعودية، بحسب الصحيفة، مع انعكاسات هذا التحول على لبنان، فالشركة تعتمد الآن على الحكومة السعودية لدفع ملايين الدولارات من الأجور المستحقة للعمال السابقين في الشركة.
وربط مراقبون الاستقالة المفاجئة وما تضمنها من مواقف بالوضع الراهن لـ”سعودي أوجيه”، إذ أشار المتخصص في السياسة في الشرق الأوسط في جامعة ليفربول، هانز باومان، إلى أن “السعوديين اكتسبوا نفوذاً ليس على المجتمع السني فحسب في لبنان، بل أيضا على البلاد”.
المشاكل المالية للحريري وأمله بدفع الحكومة السعودية للرواتب المتراكمة عليه كانت السبب الذي من أجله سافر إلى السعودية بعد إغراءات قدمها ابن سلمان عن نيته إعادة تعويم الشركة، وهي إغراءات اعتبرها متابعون بعيدة عن الواقع، ما يفتح باب التساؤلات عما إذا كان الحريري قرر التزام الصمت على أمل إعادة بث الحياة في “سعودي اوجيه” بمليارات من الدولارات لا تزال رهينة ابن سلمان.