شكل عنوان الحرب على الفساد غطاء لحملة الاحتجازات التي قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد عدد من الأمراء والمتنفذين في دوائر الحكم السعودي. تتوالى المعلومات عن صفقات مالية تعقد مع المعتقلين مقابل منحهم حريتهم، في حين أن أي حديث عن محاكمات أو محاسبات لا يُسمع في أروقة ابلاط الملكي.
تقرير هبة العبدالله
يتضح يوماً بعد آخر حقيقة حرب كاذبة يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كمحاولة غير تقليدية، لجمع مئات المليارات لسد العجز المتفاقم في الميزانية السعودية. يتأتى السداد من أصحاب المليارات على شكل ضرائب عما يفترض أنها أموال اكتسبت عن طرق غير مشروعة على مدى عقود خلت. لم يتطلب البحث عنها من قبل هيئة مكافحة الفساد التي يترأسها ابن سلمان أكثر من ساعتين.
بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاز، أُفرج عن وزير الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالله، بعد مفاوضات انتهت بدفع مليار دولار لقاء خروجه من فندق “ريتز كارلتون” كضريبة على الحرية، تسميها السلطات السعودية ضريبة على الفساد، وتشير التقارير إلى أن ثلاثة أمراء آخرين أبرموا اتفاقات مماثلة مع ولي العهد ووافقوا على التخلي عن ما يعادل 70 في المئة من ثرواتهم.
يشير المطلعون على المفاوصات التي تجري مع المحتجزين إلى أن ابن سلمان قلق جداً بشأن الأوضاع المالية للمملكة، خاصة وأن مساعيه لجمع 300 مليار دولار من المحتجزين الأثرياء تسير على السكة غير السليمة.
عدد قليل من الأمراء السعوديين ورجال الأعمال لديهم مليارات الدولارات من الأصول غير المربوطة، وهذه خيبة أمل جديدة تصيب الأمير الشاب. يملك هؤلاء استثمارات في السعودية يمكن أن تستولي عليها السلطات، وهو ما لن يكون سهلاً، لأن هؤلاء يميلون إلى الاحتفاظ بالأصول غير السائلة في هياكل معقدة تضم أمناء ووكلاء آخرين.
أضافت التسوية المالية التي يبحث عنها ابن سلمان حلقة جديدة إلى السلسة الطويلة لأخطائه منذ صعوده السريع إلى رئيس الهرم في المملكة، فبعد الحرب على اليمن ومحاصرة قطر ومحاولة تفجير الداخل اللبناني، أُضيف الآن المجتمع الاستثماري إلى نادي المتضررين والغاضبين من قواعد اللعبة غير المنظمة التي يضعها ولي العهد.