تقرير بتول عبدون
لم يترك ولي السعودي العهد محمد بن سلمان منذ توليه مقاليد الحكم معركة إلا وأوجدها وخاضها بكثير من التهور وضيق النظر، تخطيطاً وتنفيذاً، وقد حصد النكبات المتتالية من اليمن إلى لبنان مروراً بقطر.
في الداخل السعودي حدث ولا حرج، أفكار وخطط رنانة وروئ مستقبلية، أما النتيجة فضرائب وتقشف وبطالة وانخفاض مستوى المعيشة لدى المواطنين.
لم تأت خطط ابن سلمان الاقتصادية إلا بنتائج عكسية، بحسب ما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز”، مشيرة إلى أن الرياض تراجع “رؤية 2030” التي أطلقها ابن سلمان بشكل جذري، نظراً إلى ما تحتويه من أهداف مسرفة بالتفاؤل، وغير قابلة للتحقيق.
دفع الفشل الداخلي ابن سلمان إلى محاولة تلميع صورته فكانت حملة محاربة الفساد، فشكل لجنة لحصر الجرائم في قضايا الفساد بالمال العام برئاسته، استخدمها لاعتقال عدد كبير من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال.
بدورها، سخرت صحيفة “نيويورك تايمز” من مزاعم محاربة الفساد، متساءلة عن مصدر الأموال التي اشترى فيها ابن سلمان يختًا يقدر ثمنه بـ550 مليون دولار، وذلك أثناء عطلة قضاها في فرنسا.
“السيد الذي يتحكم في كل شيء”، بحسب توصيف شبكة “بلومبرغ” الأميركية، قاد حرباً ضد اليمن لم تسفر إلا عن آلاف الضحايا المدنيين، وكارثة إنسانية استكملت أوصافها الجرمية، فدخلت المملكة في مستنقع يمني تتكبد فيه خسائراَ مالية قدرت بـ200 مليون دولار يومياً، فضلاً عن تهديدات الصواريخ البالستية التي باتت تطال العمق السعودي.
وبالانتقال إلى قطر، حيث أراد ابن سلمان تعويض فشله اليمني بمحاولة إخضاع الدوحة، مع إعلانه مقاطعتها بالتوافق مع حلفائه الإمارات، البحرين ومصر، بيد أن مخطط عزل قطر ارتد سلباً على اقتصاديات دول المقاطعة، خاصة مع انخفاض أسعار النفط العالمية وما تسببت به من كارثة للرياض.
دفع الفشل تلو الآخر لابن سلمان للتوجه إلى لبنان، فأجبر رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستقالة، وأخضعه للإقامة الجبرية. جعلت هذه الإجراءات ابن سلمان أمام ضغط دولي كبير، وصلت أصداؤه إلى أعتاب مجلس الأمن الدولي.
يؤكد مركز ستراتفور الاستخباري أن محاولات ابن سلمان تفكيك النفوذ الإقليمي لإيران من سوريا إلى العراق وأخيراً في لبنان باءت كلها بالفشل، نظراً إلى افتقارها إلى المقومات السياسية والأمنية اللازمة، وهو ما تُرجم بعودة الحريري إلى لبنان وتراجعه عن الاستقالة التي أعلنها من الرياض.