في وقت تعاني فيه السعودية من عجز اقتصادي يعتبر الأكبر في موازناتها على مدى أعوام، يبدو أن تشجيع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للسياحة والترفيه يتخطى حدود بلاده، إذ من المقرر أن يموّل مشروع سياسي في مصر بتكلفة ثلاث مليارات و300 مليون دولار أميركي.
تقرير: سناء ابراهيم
في وقت ترزح فيه السعودية تحت وطأة العجز الإقتصادي الذي يرسم معالم التقشف على حياة المواطنين بزيادة الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن الخدمات الأساسية، تتجه السلطات إلى ضخ مليارات الدولارات في استثمارات خارجية وتحديداً في مصر المقبلة على الانتخابات الرئاسية، والتي تُقابل بالكثير من الانتقادات للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي المدعوم من الرياض.
تفسر هذه الاستثمارات دور المال السعودي في حرف مسار الانتخابات من جهة، والحفاظ على الولاء المصري للمملكة من جهة ثانية، لتأمين المصالح المشتركة بين الجانبين وبالتالي المحافظ على خط علاقات “مصر السعودية إسرائيل”، بوجود الراعي الأميركي.
بتمويل من السلطات السعودية، تسعى مصر إلى تشجيع السياحة لديها عبر بناء أكبر مدينة ترفيهية في البلاد بمدينة العلمين على غرار مدينة “ديزني لاند” العالمية، وهو يعد أكبر مشروع استثماري أجنبي، بتكلفة إجمالية تبلغ 3 مليارات و300 مليون دولار أميركي، وباستثمار أميركي سعودي مشترك، حيث من المقرر أن يوفر المشروع الممول من الرياض نحو 40 ألف فرصة عمل، للمصريين، في وقت يعاني الشباب في السعودية من البطالة التي قاربت 13 في المئة.
يأتي الاستثمار الأكبر بين الرياض والقاهرة في ذروة التقشف المفروض في السعودية، والذي يبدو أنه لا يقرب من الاستثمارات التي تؤمن مصالح الرياض الخارجية وتحالفاتها وعلاقاتها، ويتزامن مع الإعلان عن احتلال السعودية المركز الأول في قائمة الاستثمارات العربية في مصر، باستثمارات حجمها 27 مليار دولار، والتي كشف عن قيمتها خلال فعاليات اجتماع مجلس الأعمال المصري السعودي.
وفي حين رأى وزير التجارة والصناعة المصري، طارق قابيل، أن مصر والسعودية تمثلان “رمانة الميزان” لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي لدول المنطقة، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ نحو مليارين و100 مليون دولار، أكد نائب رئيس مجلس الأعمال المشترك عن الجانب السعودي عبدالله بن محفوظ أن المجلس يسعى خلال المرحلة الحالية إلى “التوسع في الاستثمارات المصرية السعودية المشتركة”.
ويعتبر مراقبون للعلاقات بين مصر والسعودية أن الأخيرة تسعى إلى تثبيت علاقاتها بالأولى عبر منح السيسي على أبواب نهاية ولايته فرصاً أكبر للبقاء كونه الحليف السياسي لها في تنفيذ مشاريعها وعلاقاتها في المنطقة خاصة التطبيع مع كيان الاحتلال، حيث يواجه السيسي رفضاً شعبياً بسبب السياسات التي أنهكت كاهل المواطنين، وعبر المشاريع الاقتصادية يمكن التبرير بإيجاد فرص عمل للشباب المصري، فيما تؤمِّن الرياض بذلك سيطرتها على الرابط الجغرافي مع الأراضي المحتلة وهي الساعية إلى التطبيع العلني مع إسرائيل، حيث يأتي هذا التوجيه برعاية الحليف الأميركي الداعم للسيسي وللرياض من أجل حماية تل أبيب، بوقها في الشرق الأوسط.