الولايات المتحدة / نبأ – قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن المعارك التي اندلعت في مدينة عدن جنوب اليمن، خلال الأسبوع الماضي، بين قوات “المجلس الجنوبي الانتقالي” الموالية للإمارات، والقوات التابعة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، “كشفت عن هشاشة التحالف السعودي الإماراتي واختلاف الأجندة لدى البلدين”.
وأشارت “واشنطن بوست”، في تقرير نشره بالعربية موقع “هفنغتون بوست” الإلكتروني، إلى أن القتال الذي دار في عدن “يكشف إلى أي مدى تلعب العداوات التاريخية دوراً مهماً في حرب اليمن، وقد تمثِّل هذه العداوات عقباتٍ خطيرة في وجه التفاوض نحو إنهاء النزاع، وفقاً لمحللين يمنيين وغربيين”.
كما كشف “تحرك الانفصاليين الميداني في جنوبي اليمن النقابَ عن التصدُّعات العميقة وتبدل الولاءات، في البلد الذي تعصف به الحرب”، وفقاً للصحيفة.
وأضافت “واشنطن بوست” أن “الانفصاليين الجنوبيين الذين شكلوا “المجلس الانتقالي الجنوبي”، سعوا منذ فترة إلى استعادة “دولة جنوب اليمن” التي كانت قائمة قبل توحيد اليمن عام 1990″.
وكانت مدن عدة قد شهدت، نهاية يناير/ كانون الثاني 2018 معارك بين قوات هادي وقوات المجلس الموالي للإمارات والذي الذين فرض سيطرته على أجزاء من المدن لفترة، وفقاً لوكالة “رويترز”، وذلك بعد انقضاء مهلة حددها المجلس لهادي من أجل إقالة حكومته التي يديرها رئيس الوزراء أحمد عُبيد بن دغر، ويتهمها المجلس بالفساد وسوء الإدارة.
وبعد يومٍ من حصار قوات المجلس الجنوبيين للقصر الرئاسي في عدن، أرسلت السعودية والإمارات مبعوثيها من أجل وقفٍ إطلاق النار”. وبيّنت “واشنطن بوست” أن السعودية هي “الداعم الرئيسي للقوات الموالية لهادي. والإمارات هي الداعم الرئيسي للانفصاليين”.
وتقول أبريل لونغلي ألي، المتخصصة في الشأن اليمني في “مجموعة الأزمات الدولية”، إن :السعودية والإمارات لديهما اختلافات في اليمن”، فـ”الرياض تتقارب مع “حزب الإصلاح” اليمني الذي هو أحد أفرع “الإخوان المسلمين”، وهو حزب مؤثر على الساحة اليمنية، في وقت تعارض أبو ظبي أي تعاون مع هذا الحزب”.
ومن جهته، يرى مدير “برنامج الخليج” في “معهد واشنطن”، سايمون هندرسون، أن “التحالف السعودي الإماراتي كان يدفع برواية تتنافى مع الواقع”. وأضاف “الواقع على ما يبدو هو أن الإمارات باتت ساخطةً من هادي، وترسم خططها الخاصة من أجل الجنوب”.
هل ينتهي تحالف الرياض وأبو ظبي؟
تعتقد لونغلي أنه برغم حجم الخلافات الطاغية على وجهات نظر السعودية والإمارات في ما يجري باليمن، إلا أن انهيار تحالفهما “لم يحن وقته بعد”، في حين يعتبر جيرالد فيرستين، السفير الأميركي السابق في اليمن، إن “القليل من العمل فقط تحقق من أجل استعادة الاستقرار في اليمن، وإن الناس باتوا يشعرون بالإحباط بشكل متزايد”.
وأضاف أنه “وسط هذه الانقسامات التي يعاني منها اليمن هناك أسئلة يجب أن تطرح حول جدوى أو مصداقية حكومة هادي، كما أن المدى القريب لا يحمل أي أفق للحل في اليمن”.
ويوم الجمعة، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصادر وصفتها بـ”المقربة من الانفصاليين وواشنطن” قولها إن التحالف “قد يكون شعر بخيبة أمل متزايدة حيال هادي، الذي لم يتمكن من بسط سلطة حكومته على الجنوب”.
ورأى الباحث في معهد “شاتهام هاوس”، فارع المسلمي، أنه “قد يكون كلاماً يصعب تصديقه إذا قلنا إن هذه نهاية حكومة هادي (…)، لكنني أعتقد أنه يمكن القول إن هذه نهاية اليمن الموحد”.
وأضاف: “لا يعني ذلك بالضرورة بدء قيام دولة اليمن الجنوبي، لكنها نهاية (…) شهر العسل السياسي غير المريح في الحرب اليمنية”. ويجسّد موقف الإمارات والسعودية من هادي أبرز محطات التقارب المنتهي، بحسب المحللين.
قلق من الإمارات
وبات سكان مدينة عدن يشعرون بالقلق من الوجود الإماراتي المتزايد، وقيل إنهم “يعتقدون أن أبو ظبي تحاول الحصول على مكاسب اقتصادية من خلال السيطرة على موانئ اليمن، وخاصة عدن التي تقع إلى جانب أهم ممرات الشحن الرئيسية”، وفقاً لـ”واشنطن بوست”.
واعتبر الصحافي اليمني، حسن الجلال، أن الإمارات لديها طموحات في الجنوب خصوصاً في ميناء عدن، ومن هنا فإنها تدعم الحركة الجنوبية الانفصالية.
من ناحيته، يشير الباحث السعودي، هشام الغنام، إلى أن “حكومة هادي تلقت مليارات الدولارات من المساعدات من التحالف الذي تقوده السعودية، ولا أحد يعرف أين ذهبت هذه الأموال”.
ويضم جنوب اليمن، الفقير برغم غناه بالنفط سلسلة من الموانئ على امتداد خليج عدن والبحر الأحمر، ويشكل معقلاً لانفصاليين من خلفيات ومعتقدات متباينة. فهناك تنظيمات على غرار “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” وتنظيم “داعش”، فضلاً عن جيش درب في الماضي ويوالي قوى وطنية ودولية.
وتدخل على خط هذه الانقسامات الولاءات القبلية، التي لطالما هيمنت على محافظات اليمن، ويعاني الجنوب من الإهمال والتهميش، وهو ما لم يتغير في عهد هادي، المنحدر أصلاً من جنوبي اليمن.