بزيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الملك سلمان في “قصر اليمامة” في الرياض، تكون صفحة الانقلاب عليه قد طويت مبدئياً، وريما يحصل على الدعم المالي لخوض الانتخابات النيابية.
تقرير: حسن عواد
بعد أكثر من 100 يوم على احتجازه وإجباره على تقديم استقالته، عاد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى السعودية، ليلتقي الملك سلمان في “قصر اليمامة” في الرياض، بعد دعوة سلمت إليه من خلال الموفد السعودي نزار العلولا الذي زار لبنان، يوم 27 فبراير / شباط 2018.
تحاول المملكة طي صفحة حفلة الجنون التي تسبب بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما قرر احتجاز الحريري، في نوفمبر / تشرين الثاني 2017، ومنعه من مغادرة الرياض، لولا وقوف القوى السياسية اللبنانية ورئيسي الجمهورية ومجلس النواب اللبنانيين صفاً واحداً، رفضاً لإهانة رئيس الحكومة اللبنانية، بالاضافة إلى التدخل الفرنسي الذي ساهم بالإفراج عن الحريري.
وفيما ينشغل الوسط السياسي اللبناني في فك شيفرة الرسائل التي مهّد لها الوفد السعودي، يتحدث سياسيون كثر عن أن الهدف الرئيسي هو إعادة لم شمل قوى “14 آذار” الموالية للسعودية، من أجل خوض الانتخابات تحت شعار سياسي موحد بعد الفرقة التي عصفت بهم، بسبب ما اعتبره الحريري تواطؤ من حلفائه مع ابن سلمان.
وإذ يصعب التكهن بانعكاسات هذه التطورات على المشهد الانتخابي، أشارت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن هذا التحول من قبل المملكة لم يكن ليحصل لولا تعرضها لضغوط أميركية ــ أوروبية، ودخول الإمارات على الخط من منطلق الحرص على السعودية قبل أي شيء آخر. وأكدت مصادر لـ”الأخبار” أن رئيس المخابرات الإماراتية زار لبنان سرّا قبل نحو شهر، والتقى الحريري لساعات طويلة. وأضافت أن الجهد الإماراتي تركّز على إعادة تصويب الموقف السعودي لا سيما أن ما قام به ولي العهد السعودي كان كبيراً جداً وحفر في ذاكرة اللبنانيين، ويحتاج إلى جهد كبير لإزالته.
وبعيداً من الحديث عن الضغط والوساطة، يبدو أن المملكة، بحسب الصحيفة نفسها، عادت إلى التعامل مع الملف اللبناني بواقعية سياسية، مشيرة إلى أن الحريري بات أمراً واقعاً لا يمكن تجاهله ولا تجاوزه، بعد فشل الانقلاب السعودي ضده، وبالتالي فإنها لن تتراجع عن مشروع سياسي استثمرت فيه الكثير، حتى لو اضطرها إلى دفع كلفة اضافية.
يمثل كل ما تقدم دليلاً واضحاً على تدخل المملكة في الشأن الداخلي اللبناني. والأمر المؤكّد أن عَودة الحريري إلى الرياض ستُمكّنه من الحصول على الدعم المالي الذي قد يساعده في خوض الانتخابات النيابية، ولكنّه سيفقده، قطعاً، الكثير من التّعاطف الشعبي الذي حققه بعد عودته إلى لبنان وتراجعه على الاستقالة والابْتعاد عن السعودية سياسياً.