سقطت السعودية مجدداً في سوريا بخسارتها آخر أوراقها العسكرية في ريف دمشق، بعد استسلام “جيش الإسلام” الذي تموله، في دوما، وانسحابه صوب الحضن التركي، لتطوى بذلك صفحة سنوات من القتل والتهجير والقصف ضد أهالي العاصمة السورية دمشق.
تقرير: عاطف محمد
عولت السعودية خلال 7 سنوات على الخيار العسكري لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعمت وسلحت ومولت فصائل عدة على الأراضي السورية، بعضها مصنف ضمن القائمة السوداء الأممية كتنظيمات إرهابية مثل “جبهة النصرة”، إلا أن فصيل “جيش الإسلام” المحسوب على الرياض، بمرجعيته الإيديولوجيه وتمويله وتسليحه، يعد الورقة العسكرية الأبرز في سوريا.
خانت التنظيم الذي يتلقى الأوامر من الرياض تصريحات ولي العهد الجديد محمد بن سلمان مؤخراً عن بقاء الأسد في السلطة، وأربكه التقدم المتسارع للجيش السوري في غوطة دمشق الشرقية، فيما كانت الضربة القاضية بإجباره على الاستسلام والرحيل صوب الشمال وسط فشل مسرحية الهجوم الكيميائي في دوما، التي تحررت بالكامل من ذراع السعودية الإرهابي، الذي حصد أرواح الآلاف من سكان دمشق بقذائفه وصواريخه ومجازره على مدار الأعوام الماضية.
خسرت الرياض آخر فزاعاتها على مشارف دمشق، وبات “جيش الإسلام” مجرد ذكرى قاتمة همجية في رؤوس السوريين، يواجه اليوم احتمال الإبادة في جرابلس التي تسيطر عليها فصائل إخوانية النهج تابعه لتركيا، مرتبطة ومتماهية مع سياسات أنقرة والدوحه العدائية اتجاه الرياض، فإما الاندماج في “قوات درع الفرات” وانتقاله مسلحي “الجيش” من الرعاية السعودية إلى الرعاية التركية، أو تكرار مشهد الاقتتال بينه وبين “جبهة النصرة” في ريف دمشق.
السعودية التي دفعت مؤخراً 4 مليارات دولار للرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل إبقاء قواته لمزيد من الوقت في سوريا، عملت جاهدة، خلال الساعات القليلة الماضية، لدعم أي تحرك عسكري غربي ضد سوريا، لكن خسارة دوما ورفع العلم السوري فيها يقضي على آمال الرياض بأي خرق ميداني ضد النظام. فالمسافة بين جرابلس والعاصمة كالمسافة بين تأكيدات وزير الخارجية السورية عادل الجبير المستمره عن رحيل الأسد عن السلطة وإقرار ابن سلمان ببقاءه.