بعد أن بقيت سلطنة عُمان لسنوات تتخذ من النأي بالنفس سياسة لحماية نفسها وعدم انخراطها في الحرب التي يشنها تحالف العدوان السعودي على اليمن، اختارت اليوم تغيير مسار خياراتها والتوجه نحو المشاركة في إيجاد حل يحافظ على أمنها.
تقرير: سناء ابراهيم
على الرغم من بقاء سلطنة عُمان لأعوام خارج دائرة الانغماس في أحداث اليمن، إلا أن الآونة الأخيرة كشفت عن دور تلعبه السلطنة في المفاوضات السياسية لإنهاء معاناة اليمنيين المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وقد تبلورت الجهود هذه بعد التوتر الذي شهدته المناطق المحاذية للسلطنة، خاصة محافظة المُهرة التي تشكل محطة جاذبة لأطماع دول تحالف العدوان.
دفعت التطورات العسكرية في المُهرة بالسلطنة نحو تجاوز قرارها بسياسة النأي بالنفس، لتصبح الخيار الأول مؤخراً لاستضافة أي مفاوضات سياسية مقبلة لإنهاء الحرب في اليمن كونها البلد الأقرب، ما يطرح تساؤلات حول الدور الذي تلعبه السلطنة ودعمها لجهود السلام، حيث تدعم حكومة الرئيس الفار المقيم في الرياض عبدربه منصور هادي، وتستضيف في الوقت عينه وفد “أنصار الله” و”حزب المؤتمر الشعبي العام”، من أجل مباحثات السلام.
تذكّر دراسة لمركز “البيت الخليجي للدراسات والنشر”، أعدها الصحافي والكاتب اليمني أشرف الفلاحي، بتصريح وزير الشؤون الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، يوم 18 مارس / آذار 2017، أثناء زيارته إلى إيران، حيث قال: “إن النزاع في اليمن لم يجلب سوى المصائب والويلات إلى المنطقة. ينبغي بذل مزيد من الجهود لوقف عمليات القتل التي يتعرض لها الشعب اليمني”، وهو ما وصف بأنه مؤشر على توجهات بلاده وقلقها من استمرار الصراع في البلد الفقير المجاور لها.
أوضحت الدراسة أن عُمان تدخلت على عجالة اليوم بعد تهديد مصالحها إثر تمدد قوات التحالف في محافظة المُهرة الحدودية، وهو ما يهدد استقرار السلطنة، ما يجعلها تلقي بثقلها اليوم من أجل “جهود إيقاف الحرب وإحلال السلام”.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن التحرك السعودي العسكري في المُهرة، التي تشترك بحدود برية وبحرية مع السلطنة من جهة الشرق، أثار لدى مسقط مخاوف عدة. وعمد السعوديون منذ وصولهم إلى مدينة الغيظة وتمركز قواتهم في مطارها، خلال نوفمبر / تشرين الثاني2017، إلى فرض واقع جديد فيها، من خلال عمليات استقطاب حثيثة، استهدفت قادة أقوى القبائل، ودعمهم بالأسلحة والأموال.