العراق / الغارديان – يعتقد المراقبون أن تحرك مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) باتجاه البلدة الكردية السورية الرئيسية، كوباني (المعروفة باسم عين العرب)، خلال الأسبوع الماضي، بأنه خلافا لما حدث لغيرها من المدن السورية المركزية التي قصفت على الأرض.
وفي الغالب بعيدا عن الأنظار، فإن انهيار كوباني يلوح على مرأى ومسمع من الجميع، دونما أن تسترعي حياة أو موت آلاف الأشخاص على جانبي الحدود اهتمام أحد. ففي كل يوم، تقترب داعش أكثر من قلب كوباني، وفي كل يوم، يتزايد غضب الأكراد في جميع أنحاء المنطقة، الذين يعرفون أن الجميع يدركون ما سيأتي بعد ذلك المشهد، “مذبحة رهيبة”، مع 5000 قتيل خلال 24 أو 36 ساعة.
وبالسيطرة على كوباني ستصبح داعش قادرة على السيطرة على الامتداد الاستراتيجي الذي يربط الرقة، عاصمة الأراضي التي تسيطر عليها، بمواقعها في حلب على الحدود مع تركيا. إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا تجاه ذلك.
كانت تغريدة نشرت الأسبوع الماضي قد أعادت الذاكرة إلى مشهد آخر حدث أوائل الصيف الماضي في العراق، جاء فيها “يجب على أكراد كوباني بشكل عاجل التحول إلى اليزيدية. فربما حصلوا بذلك على بعض المساعدة”.
ربما كانت تغريدة طريفة، لكنها تطرح السؤال الذي يدور في أذهان العديد من الأكراد السوريين اليوم. لماذا سارعت الولايات المتحدة لحماية الأكراد في العراق عندما بدأ مقاتلو داعش في التقدم نحو إربيل والشروع في الإبادة الجماعية ضد الأقلية الكردية من المذهب اليزيدي، بينما لم تفعل شيئا يذكر لإنقاذ الأكراد السوريين في كوباني من نفس التهديد؟
السياسة الأمريكية المتباينة تجاه الأكراد في العراق وسوريا تعكس الميل العام الخاطئ لدى واشنطن الذي يفترض وجود فارق بين البلدين، وهو الأمر غير الموجود في الواقع.
فوفقا لتصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون في صحيفة وول ستريت جورنال، على سبيل المثال، قالوا إن الهجمات الجوية الأميركية في العراق مصممة لمساعدة القوات العراقية في ضرب داعش، بينما في سوريا، قالوا بأنهم يسعون فقط لإضعاف قدرة داعش.
غير أن السياسة التي تستهدف بشكل حاسم داعش في العراق، بينما تواجهها بفتور في سوريا هي سياسة محكوم عليها بالفشل، ولن تؤدي سوى إلى تأجيل التهديد المباشر الذي تمثله داعش على المصالح الأمريكية في المنطقة لفترة وجيزة. كما أن الضربات الجوية الجديدة لن تكون مجدية.
كان أحد الفروق الرئيسية بين استراتيجية الحرب الأميركية في المناطق ذات الأغلبية الكردية في كل من العراق وسوريا، هو قرار واشنطن بدعم شركائها من الأكراد على الأرض في العراق ولكن ليس في سوريا.
ففي العراق، لم تنفذ الولايات المتحدة فقط عملية القصف الجوي، ولكنها أيضا أرسلت المستشارين العسكريين لدعم المسلحين البشمركة الأكراد. ونتيجة لذلك، كان اليشمركة قادرين على توفير المعلومات على الأرض لتوجيه ضربات الولايات المتحدة الجوية، واستطاعوا بالتنسيق مع المقاتلين الأكراد من تركيا وسوريا، استعادة السيطرة على المناطق الهامة التي كانت قد استولت عليها داعش.
في سوريا، كانت الولايات المتحدة أكثر ترددا في تطوير هذه الشراكة الكردية الجريئة. فللوهلة الأولى، تعتبر القوة القتالية الكردية في سوريا، (المتمثلة في وحدات الدفاع الشعبي (YPG)، مرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تعتبره الولايات المتحدة جماعة إرهابية بسبب حربه منذ عقود طويلة مع تركيا) شريكا غير طبيعي للولايات المتحدة، بالمقارنة مع الحكومة المعترف بها على نطاق واسع في إقليم كردستان (KRG) في العراق.
ومع ذلك قدمت وحدات الدفاع الشعبي YPG، وقوات حزب العمال الكردستاني دعما حاسما على الأرض لأكراد العراق، مما سمح لحكومة إقليم كردستان البشمركة باستعادة الأراضي المفقودة بسبب داعش في العراق. لذا فإن الولايات المتحدة تدين في جزء كبير بالنجاح المحدود للضربات الجوية في شمال العراق لحزب العمال الكردستاني وYPG.
الدرس الذي ينبغي على الولايات المتحدة أن تتعلمه من تجربتها في شمال العراق هو أنه لا يمكن كسب الحرب عن طريق الجو وحده. فقد أظهرت العراق أن الضربات الجوية ضد داعش يمكن أن تكون مثمرة فقط عندما تسير جنبا إلى جنب مع جهود التسليح وتقديم المشورة للقوة المحلية الموثوقة القادرة على متابعة استعادة السيطرة على المناطق على الأرض. وYPG تمثل تلك القوة الآن في سوريا، لذا فإن القيام بأي ضربات جوية بدون نوع من الدعم المشابه لذلك الذي تم تقديمه للبشمركة الكردية العراقية، لاجدوى منها.
غير أن تعاون الولايات المتحدة مع YPG سيكون خادعا، مع زيادة التوترات بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، حليفة الولايات المتحدة، في الآونة الأخيرة. حيث غضب حزب العمال الكردستاني، من ما يرونها جهود تركيا لدعم داعش، وهدد بإنهاء عملية السلام الوليدة إذا استولت داعش على كوباني (المعروف أيضا باسم عين العرب).
وعليه فإن عملية السلام القائمة لا تعد فقط أفضل فرصة للسلام في تركيا، ولكنها أيضا أفضل تغطية لتعاون إدارة أوباما مع YPG. لذا يجب على الولايات المتحدة التحرك العاجل لإنقاذ كل من منطقة كوباني وعملية السلام، من خلال تقديم دعم واسع ل YPG في سوريا بشرط أن يؤكد حزب العمال الكردستاني التزامه بعملية السلام مع تركيا.
من المتوقع أن تتجاوز تداعيات سقوط كوباني (التي تسقط بالفعل) الحدود السورية. فسوف يفقد الأكراد في جميع أنحاء المنطقة الثقة في تركيا والقوى الغربية التي يحتاجون إلى تدخلهم بشكل عاجل.