تدمير شاحنة بقيمة 3 آلاف دولار لداعش يكلف التحالف نصف مليون دولار

سوريا-العراق/ فورين بوليسي – يوم السبت 4 أكتوبر، وكان اليوم 58 من الحملة الأمريكية ضد “الدولة الإسلامية”، قامت الطائرات الأمريكية بشن تسع ضربات داخل العراق وسوريا، وهو ما أدى إلى تدمير دبابتين، وثلاث عربات همفي عسكرية، وجرافة واحدة، وسيارة مجهولة الهوية. كما أصابت الضربات عدة فرق من مقاتلي “الدولة الإسلامية”، ودمرت ستة من مواقع إطلاق النيران.

وللوهلة الأولى، قد يبدو أن هذا يمثل الكثير من الضرر. وإذا نحينا جانباً أهمية ما أسفرت عنه الضربات من مقتل مسلحين في تنظيم “الدولة الإسلامية”، ونظرنا فقط في المعدات، كانت الدبابات بقيمة ما يقدر بنحو 4.5 إلى 6.5 مليون دولار لكل منها، وتكلف كل همفي ما بين 150 إلى 250 ألف دولار، ليصل إجمالي قيمة المعدات المدمرة إلى ما بين 9.5 إلى 13.8 مليون دولار.

ولكن يصبح هذا الضرر أقل إثارة للإعجاب عندما نعلم أن كل ضربة جوية من ضربات الولايات المتحدة ضد “الدولة الإسلامية” تكلف ما يصل إلى 500 ألف دولار، وفقاً لتود هاريسون، وهو الخبير في مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية في واشنطن.

وقال هاريسون إن أرخص ضربة جوية يمكن أن تكلف ما يقرب من 50 ألف دولار، على افتراض إسقاط طائرة واحدة لواحدة من أرخص أنواع القنابل. ولكن غالبية الضربات الجوية تكلف أكثر من ذلك بكثير، حيث تنطوي على استخدام طائرات F-15S، F-16S، F-22S، والطائرات الأخرى، التي تكلف ما بين 9 آلاف إلى أكثر من 20 ألف دولار لكل ساعة عمل، والمتفجرات التي تكلف عشرات إلى مئات الآلاف من الدولارات.

وأشار هاريسون إلى أن سعر كل ضربة “يعتمد على المسافة إلى موقع الهدف، وكم من الوقت قد يحتاج تنفيذ الضربة، ونوع الطائرات المستخدمة، وما إذا كانت هذه الطائرات بحاجة للتزود بالوقود الجوي، وعدد مرات قيامها بذلك”.

ولكن باستخدام أعلى تقديرات هاريسون، وهي 500 ألف دولار للضربة الجوية الواحدة، تكون تكلفة ضربات يوم السبت وحدها حوالي 4.5 مليون دولار، وهذا الرقم لا يتضمن أجور ونفقات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع اللازمة للقيام بالطلعات الجوية، وهي النفقات التي ساعدت في جعل الحملة منخفضة المستوى ضد “الدولة الإسلامية” مكلفة بشكل كبير. حيث كشفت وزارة الدفاع الأمريكية، يوم الاثنين، عن أنها أنفقت ما يصل إلى 1.1 مليار دولار على العمليات العسكرية ضد “الدولة الإسلامية” منذ يونيو/ حزيران.

وحتى يزيد الإحباط، فإن معظم، إن لم يكن كل، المعدات التي دمرت جاءت في الأصل من الولايات المتحدة، وهذا هو السبب في أننا قادرون على تقدير قيمتها. هذه المعدات أعطيت للجيش العراقي قبل انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011، واستولت عليها “الدولة الإسلامية” عندما تقدمت إلى العراق في وقت سابق هذا العام. وهذا يعني أن واشنطن تنفق الآن مئات الملايين من الدولارات من وزارة الخزانة الأمريكية لتدمير شاحنات الهمفي، والدبابات، وغيرها من الأسلحة، التي تم شراؤها من نقود دافعي الضرائب الأمريكيين.

وتشير ضربات يوم السبت إلى وجود مشكلة رئيسة في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا، وهي أنه، ومن خلال رمي أسلحتها المتطورة والمكلفة بشكل كبير على عصابة من المسلحين، تقوم وزارة الدفاع الأمريكية باستخدام الطائرات التي يمكن أن تكلف نحو 200 مليون دولار لكل منها ضد شاحنات صغيرة تكلف البنسات تقريباً بالمقارنة.

وهذه ليست مشكلة جديدة بالنسبة للولايات المتحدة. حيث إنه، وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر، قال الرئيس جورج بوش جملته الشهيرة لأربعة من أعضاء مجلس الشيوخ بأنه لم يكن “ذاهبًا لإطلاق صاروخ ثمنه مليوني دولار على خيمة فارغة بقيمة عشر دولارات، وضرب جمل في مؤخرته”.

ويكلف أحد صواريخ كروز توماهوك أكثر من 1 مليون دولار. وقد استخدمت الولايات المتحدة 47 على الأقل من هذه الصواريخ الشهر الماضي، رغم أن العديد منها استهدف مجموعة خراسان الغامضة، وليس “الدولة الإسلامية”.

وبعد 62 يوماً من بدء الحملة الجوية، وصرف 1.1 مليار دولار عليها، دمرت الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة من الأسلحة والمركبات ما مجموع قيمته 123 إلى 173 مليون دولار فقط. ولا يأخذ هذا التقدير في الحسبان قيمة المعدات الأخرى التي تضررت لداعش أو دمرت، والبنى التحتية، بما في ذلك أجزاء من مصافي النفط. حيث إنه، ومنذ توسيع الضربات الجوية من العراق إلى سوريا، نفذت الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف العربي، 16 غارة على مصافي النفط الواقعة تحت سيطرة داعش.

ومن الممكن أن يمثل هذا الضرر في مصافي النفط ضرراً كبيراً في إيرادات “الدولة الإسلامية”. حيث ورد بأن هذه المصافي السورية تكسب المجموعة 2 مليون دولار في اليوم. وأن مصافي النفط في العراق، والتي لم يتم ضربها حتى الآن من قبل الولايات المتحدة، تكسب التنظيم حوالي مليون دولار إضافي في اليوم.

وفي 25 سبتمبر، قال البنتاغون إنه قد شل معظم المصافي السورية. ولكن، وكما ذكرت فورين بوليسي يوم الثلاثاء، لا يزال من غير الواضح إلى أي حد أصيبت هذه المصافي بالشلل فعلاً.

وإلى جانب ذلك، معظم الضربات الجوية لم تستهدف المصافي، بل ضربت أشياء مثل مواقع العبوات الناسفة، ومواقع القتال، ونقاط التفتيش، ومعسكرات التدريب، ومخازن الأسلحة، ومرافق التصنيع، والمطارات التي تسيطر عليها داعش، ومباني أخرى. وقيمة العديد من هذه الأهداف هي ضئيلة نسبياً.

ويوم 16 سبتمبر، تمكنت خمس غارات جوية للولايات المتحدة من تدمير شاحنة واحدة فقط، وقطعة واحدة من المدفعية المضادة للطائرات، واثنين من القوارب الصغيرة، وموقع قتال واحد. ومع تقديرات لتكلفة الخمس غارات جوية تصل إلى 2.5 مليون دولار، فإن هذا يعني أن الولايات المتحدة استخدمت مطرقة مكلفة بفظاعة لضرب اثنين من المسامير الرخيصة نسبياً.