“المملكة الوحشية” بهذه العبارة وصفت التايمز البريطانية، المملكة السعودية، مؤكدة أن القيادة القوية تعني الاستماع والحوار مع الذين يريدون تغيير السعودية نحو الأفضل، لا أن يستخدم قوانين الأمن الوطني ضد ناشطي حقوق الإنسان، ويسعى في الوقت نفسه إلى طلب دعم عالمي نحو مجتمع سعودي منفتح.
تقرير: محسن العلوي
وصفت صحيفة “التايمز” البريطانية السعودية، في افتتاحيتها يوم الخميس 23 أغسطس / آب 2018، بـ “المملكة الوحشية”، مشيرة إلى أن “الإصلاحيين السعوديين” سيفقدون مصداقيتهم لو استمر القمع. فعندما أعلن ولي العهد محمد بن سلمان إصلاحات في المملكة، وعد بأن تتبنى الدولة ما أطلق عليه “الإسلام المعتدل”، وقضية الإصلاح الاجتماعي. بالاضافة إلى أهم القرارات حينها، والتي حظيت باهتمام إعلامي واسع، السماح للمرأة بقيادة السيارة.
تشير الصحيفة إلى قضية الناشطة الحقوقية إسراء الغمغام، التي لا تزال في معتقلة في سجون المملكة منذ عامين، من دون أن تنتفع من أي تفسير من تفسيرات القانون الإسلامي، فهي في السجن منذ عامين وتنتظر الحكم عليها من محكمة الدولة للإرهاب التي يطالب محامي الادعاء فيها بإعدامها هي وأربع ناشطات أخريات.
وتبين الصحيفة أن المشكلة التي تواجه السعودية هي أن الوريث للعهد السعودي قرر أن الطريقة الوحيدة للإصلاح هي من الأعلى للأسفل، وكان هذا واضحاً من الطريقة التي خفف من خلالها القيود على قيادة المرأة للسيارة. فالنساء اللاتي طالبن بهذا الحق في السجن، وكأنهن يمثلن تهديداً على المجتمع.
وجاء اعتقال الناشطة الغمغام ضمن حملة قمع ضد محتجين في مدينة القطيف في المنطقة الشرقية، حيث اشتكى السكان هناك لسنوات عدة من المعاملة التمييزية والاضطهاد، في وقت يزعم فيه القادة السعوديون أن النشاطات المطالبة بحقوق الإنسان في المنطقة الشرقية، هي محاولات لزعزعة استقرار المملكة.
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن ما دعا إلى الاحتجاجات في المنطقة الشرقية سياسات القمع التي تمارسها قوات الأمن بحق السكان. كذلك بينت الصحيفة أنه لو أراد ولي العهد أن يكون قائداً للجميع وتحديث المجتمع من دون أن يظهر ضعف السعودية أمام أعدائها، فعليه أن يكيف استراتيجيته لاستيعاب مبادرة من الأسفل. كما أنه وعد بتحويل السعودية إلى مجتمع رقمي للقرن الـ 21، لكنه يخشى من دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعارضة.
وأكدت الصحيفة أن هذه التناقضات في القرارات تثير تشوّش الشركاء الغربيين للسعودية. فعندما انتقدت وزيرة كندية في تغريدة على “تويتر” حقوق الإنسان في السعودية، طردت السعودية السفير الكندي من الرياض، وطلبت من المبتعثين السعوديين في الجامعات الكندية العودة إلى بلادهم.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: “يبدو أن ولي العهد لا يتسامح بسهولة مع الانتقادات في الداخل أو الخارج، لكنه يتعين عليه عاجلا وليس آجلا أن يعرف أنه لا يستطيع أن ينثر الجدران في الهواء أو يستخدم قوانين الأمن الوطني ضد ناشطي حقوق الإنسان، وأن يسعى في الوقت نفسه إلى طلب دعم عالمي نحو مجتمع سعودي منفتح”.
فالقيادة القوية تعني الاستماع والحوار مع أولئك الذين يريدون تغيير السعودية نحو الأفضل.