نبأ نت – لا يكاد يُسمع الصوت الأممي من نيويورك بشأن مجازر السعودية في اليمن، يدينها ويطالب بالتحقيق في جرائهما، في تكرار للنسق نفسه بعد كل مجزرة ترتكبها السعودية. بات الصوت من صنعاء أقوى بكثير. ليس صوت إنجازات الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في الميدان فقط، بل تجمعت وتركزت رسائل وخطابات جعلت العاصمة اليمنية منبراً لحقوق الإنسان يجذب الانتباه إلى تأثيره المتصاعد بعد كل مجزرة ليطغى على صوت نيويورك الخافت.
تبدو رسالة وزير الخارجية اليمنية هشام شرف عبدالله التي أرسلها، يوم السبت، إلى المبعوث الأممي مارتن غريفث، كهز عنيف لمجلس الأمن المقصود من الرسالة، إذ يطالبه شرف عبد الله بـ”اتخاذ قرار شجاع وملزم ولو لمرة واحدة” بوقف القصف الجوي والعمليات العسكرية في مختلف الجهات ورفع الحظر المفروض على مطار صنعاء.
يبين اليمن باستمرار التزامه بالأخلاقيات في الحرب، وهو ما تؤكده الرسالة بأن “الجميع يعرف أن صنعاء قادرة على الرد بالمثل، ولكن التوجه نحو السلام يحول دون ذلك”.
ارتفع في الفترة الأخيرة صوت المنسقة الأممية الشؤون الإنسانية في صنعاء، ليز غراندي، بعد رؤيتها أن “ما يحدث في اليمن لا يمكن تصوره”، ثم مطالبتها بالتحقيق فيه “بشكل محايد ومستقل”، فبدأ أعلى من الصوت الأم الذي تكبله توازنات وضغوط الدول الكبرى ومصالحها.
في موازاة خطاب صنعاء، يبرز تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الذي كذّب نتائج “التحقيقات” التي أجرتها دول تحالف العدوان على اليمن، بقيادة السعودية، في جرائم الحرب، باستنتاجه بأن تلك “التحقيقات” “تفتقر إلى المصداقية، وفشلت في توفير سبل الإنصاف للضحايا المدنيين”. وفي التقرير مطالبة صريحة إلى مجلس الأمن لأن “يفكر” في “فرض عقوبات على كبار قادة” تحالف العدوان على اليمن، فهم “قد يواجهون مسؤولية جنائية بسبب ما يجري في اليمن”.
لقي تقرير “هيومن رايتس ووتش” إشادة من العضو في المجلس السياسي لـ “أنصار الله” في اليمن الدكتورة حليمة جحاف، التي تؤكد، في حديث إلى قناة “نبأ” الفضائية، أنه “لو تمت محاسبة قوى التحالف على ما ارتكب من مجزرة أخيرة بحق الأطفال في محافظة صعدة لما تجرأ على تكرار هذه الجريمة في أقل من أسبوع بحق المدنيين والأطفال”.
تبني جحاف على تقرير المنظمة لتؤكد أن المُسوِّغ الذي تتخفى خلفة دول التحالف، وهو وجود قيادات في المناطق المستهدفة في اليمن، بات “عذراً غير مقبول وغير مبرر للاستهداف المباشر بحق المدنيين في اليمن”.
هذه الأصوات والمواقف، إضافة إلى المجازر، في صعدة والحديدة والدريهمي، وما خلفته من عشرات الشهداء والجرحى، تجعل موقف السعودية السياسي ضعيفاً، قبل مشاورات جنيف المرتقبة يوم 6 سبتمبر / أيلول 2018، بين الأطراف اليمنية، بمعزل عن تأثيرها في مجريات الحرب. فالميدان لا يسعف السعودية لتجمع “نقاطاً” قبل المشاورات، حيث تواصل الفشل والتخبط وتتلقى ضربات في عمقها الحيوي، وكذلك فإن جانب حقوق الإنسان سيكون تماماً إلى جانب اليمنيين.
ولمحاولة جمع “نقاط” وإنْ حمراء كلون دماء أطفال اليمن، تحاول الرياض الضغط على صنعاء بما تعتقده أنه سيؤلمها، أي الاستنزاف للمدنيين. معنى ذلك بالنسبة إلى جحاف هو أن “السعودية تريد ومن خلفها أميركا التي هي مشرفة مباشرة وشريك أساسي في هذه الجرائم، أن توصل رسائل أنها تقتل اليمنيين لمجرد القتل وستستمر في ذلك طالما العالم لم يحرك ساكناً”.