السعودية / نبأ – لا يمكن هزيمة «الدولة الإسلامية»، أي تحقيق هدف «التحالف» بسحقهم في العراق وسوريا، من دون «قوات على الأرض».. هذا ما يؤكده خبراء دوليون، وما أثبتته التجربة بسيطرة مقاتلي التنظيم علي مدن بالعراق وسوريا في ظل تزايد الضربات الجوية الأمريكية التي تشارك فيها دول الخليج، وأصبح الأمر وكأن «الدولة الإسلامية» تتغذي علي هذه الضربات لا تضعف بسببها!
من هنا يثار السؤال: من يجرؤ علي إرسال قوات برية لمحاربة «الدولة الإسلامية» بعدما رفضت تركيا الفخ الأمريكي المنصوب لها لذلك؟، وأعلنت أمريكا وأوروبا أنهما لن يرسلا أي قوات برية مهما حدث، كما رفضت «السيسي» في مصر مناقشة الاقتراح لأنه يحتاج كل جندي لتثبيت الأوضاع لانقلابه في مصر.
هل تغامر دول الخليج علي انخراط قواتها العسكرية البرية في معارك كهذه وهي قوات لا خبرة قتالية لها علي الإطلاق بعدما شاركت الإمارات والسعودية في ضربات جوية ضد مواقع «الدولة الإسلامية»؟ وتقع في الفخ الأمريكي لتوريطها في حرب خاسرة لأنها مع «ميليشيات» لا جيوش حقيقية وأفراد مستعدون للموت في سبيل تحقيق أهداف ما يسمونه دولتهم الإسلامية؟ أم ترفض وتصبح مهددة قريبا بزحف «الدولة الإسلامية» علي أراضيها لو استمرت قوة «الدولة الإسلامية» في التمدد بهذه الطريقة؟
الواضح حتي الآن أن هناك فخ أمريكي منصوب لتركيا ودول الخليج لمزيد من التورط في حرب «الدولة الإسلامية» علي غرار توريط القوات المصرية والسورية في حرب ضد القوات العراقية بالكويت سابقا، يسمح للأمريكان بتحقيق أهدافهم، لإرهاق هذه الدول واستنزاف خزائنها المالية في صفقات سلاح لتبرير المشاركة في هذه الحرب بينما تنتعش مصانع السلاح الأمريكية!
فهناك من يشكك في الأهداف التي تقصفها القوات الأمريكية في العراق وسوريا وأيضا تلك التي تحددها لطائرات دول الخليج لقصفها، فيري أنها مجرد مناوشات مع «الدولة الإسلامية»، لا تضعف الحركة المسلحة المغامرة، وذلك كي تظل «الدولة الإسلامية» هي «البعبع» أو «الفزاعة» التي تجعل دول الخليج تهرع إلي الحضن أو «الحماية» الأمريكية مثلما ظل عليه لسنوات منذ وصول القوات الأمريكية للخليج في تسعينات القرن الماضي ثم غزو العراق لاحقا.
أيضا تتساءل دول الخليج في الوقت نفسه عما ستحصل عليه في المقابل لو دخلت الحرب البرية، كما أنها تخشى من استفادة الجار الإيراني من تورطها في هذا النزاع بريا بما يضعف جيوشها الوليدة، وتخشي رد الفعل الشعبي لو وصلت نعوش جنودها إلي بلادهم بدلا من انتصارهم.
فإيران تحترق شوقا بالتأكيد لتورط جيوش الخليج في حرب مع تنظيم «الدولة الإسلامية» كي تعظم قواتها في المنطقة وتزيد حصارها وتهديدها للخليج، بعدما نجحت في حصار السعودية وإنهاء دورها في اليمن بانتصار «الحوثيين» في صنعاء.
وقد يكون الثمن الذي تطلبه دول الخليج في سوريا هو القبول الغربي بالتخلص من نظام «بشار الأسد، ففي مقابلته مع قناة «سي إن إن»، قال أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني»: «كنا جزءا من تحالف ساعد على تحرير الشعب الليبي، إذا سنكون جزءا منه (التحالف ضد دمشق)، لأننا نؤمن بأن ما سبب كل هذه الفوضى هو النظام السوري».
ولهذا يري خبراء عسكريون أن دول الخليج التي قد تشارك يمكن أن تكتفي بوحدات صغيرة من القوات الخاصة الإماراتية والقطرية وربما السعودية ولن تشارك هذه الوحدات إذا ما تم إرسالها في القتال، بل ستكون في غرف عمليات لتنسيق حركة مسلحي المعارضة السورية والتعاون مع استخبارات المعارضة وتقديم المشورة والمعدات للمعارضة، وهو دور لعبته قطر والإمارات خلال الحرب على نظام «القذافي» عام 2011.
وهناك من يري أن إرسال الدول العربية قوات على الأرض في سوريا مرتبط أولا بقرار تركيا الزجّ بقواتها حتي ولو كانت هناك خلافات خليجية تركية، وأن هذا سر الغضب الأمريكي الخليجي علي رفض الرئيس التركي إرسال قوات إلي سوريا ورفضهم أيضا اقتراح تركيا بفرض منطقة حظر جوي كي يظل خطر «الدولة الإسلامية» يضغط علي الأتراك عبر ضربهم أكراد سوريا وتظاهر أقرانهم في تركيا ضد «أردوغان» وخلق اضطرابات تستفيد منها واشنطن في الضغط علي تركيا للتورط عسكريا في سوريا.
استراتيجية بلا أقدام
وطالما لم يتقدم أحد ليقبل مخاطره محاربة «الدولة الإسلامية» بقوات برية، ستظل الخطط الأمريكية بلا هدف أو أقدام، رغم أن واشنطن وشركائها يصرون علي أن لديهم «إستراتيجية شاملة” ضد «الدولة الإسلامية»، فطالما أنه لا توجد «أقدام» تسير عليها هذه الاستراتيجية ستظل «الدولة الإسلامية» قوية علي الأرض ويطول الصراع ولكن إلى متى يمكن الاستمرار في القصف من الجو دون تحقيق نتائج فعلية علي الأرض؟
ومن بين من أكدوا على هذه «أندرس فوغ راسموسن»، الأمين العام السابق لـ«حلف شمال الأطلسي»، حينما تحدث عن ذلك من نيويورك بعد بدء ضربات «التحالف» في سوريا، وقال خلال مقابلة تلفزيونية، متجنباً المواربة: «لا أعتقد هذا (هدف التحالف) يمكن إنجازه عبر الحملة الجوية وحدها».
وحينما سألته مذيعة قناة «سي إن بي سي» الأميركية من أين ستأتي «القوات على الأرض»، في ظل تشديد واشنطن على أنها لن ترسلها، قدم إجابة لافتة بقوله: «أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن دولا من المنطقة (أي الدول العربية)، هي التي تقدم القوات لتعمل على الأرض».
وعما إذا كانت هذه الدول قادرة على ذلك، أجاب: «أعتقد أنه يمكنهم ذلك، حينما يحصل بدعم من عمليات الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين (تركيا)».
أيضا قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة «مادلين أولبرايت» أن القوات على الأرض يمكنها أن تكون «مزيجا» من قوات المعارضة «المعتدلة» التي سيجري تأهيلها، وأيضا قوات من الدول الإقليمية، وقالت إن «الشركاء الإقليميين هم من عليهم أن يفعلوا ذلك»، وهو مؤشر واضح علي التوجه الغربي علي توريط دول الخليج خصوصا في هذه الحرب.
أيضا قال هذا رئيس مجلس النواب الأميركي «جون بوينر»، خلال مقابلة مع قناة «إي بي سي» الأميركية قبل أيام، قال فيها إنه «إذا كان الهدف تدمير الدولة الإسلامية، والرئيس (باراك أوباما) يقول إنه كذلك، فلا أعتقد أن الإستراتيجية التي أوجزها تحقق ذلك»، مؤكدا: «في نهاية المطاف، ستتطلب هزيمتهم أكثر من الضربات الجوية، في مرحلة ما على قوات أحدهم أن تكون على الأرض».
حرب «الدولة الإسلامية» تحولت إلي حرب مصالح علي الطريقة الغربية، ومحاولة ابتزاز دول الخليج بصفقات سلاح تغذي المصانع الحربية الأمريكية بدعاوي محاربة الإرهاب، كما تحولت لمحاولة أمريكية جديدة لتجديد شيك التفويض الخليجي علي بياض الذي أعطته هذه الدول للرئيس «بوش الأب ليتدخل في بلادهم لمحاربة القوات العراقية، والذي تبين أن الغرض منه هو بقاء القوات الأمريكية وقواعدها في منطقة الخليج النفطية لتأمين مصالح أمريكا والغرب النفطية.
(الخليج الجديد/محمد خالد)