على الرغم من أن الدلائل جميعها تشير الى تورطٍ سعودي رسمي بمقتل الكاتب جمال خاشقجي اسطنبول، إلا أن الدول الغربية بمعظمها وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتعامل مع السعودية على أنها مصدر للأموال فما يهم هو الصفقات. أمّا حقوق “الإنسان” فمجرد شعارات وبيانات تباع وتشترى.
تقرير : محمد البدري
منذ اللحظات الأولى التي تصدرت فيها أخبار مقتل الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، تعاملت معظم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة مع القضية، كموردِ ابتزازٍ جديد للسعودية.
تؤكد جميع المؤشرات والتسريبات أن قرار قتل خاشقجي اتخذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال واشنطن بانتظار تحقيق ما يظهر حقيقة معينة ومحددة لها، لا لشيء فقط بل للصفقات بين الرياض وواشنطن التي تحدد محتوى تلك الحقيقة. فقضية خاشقجي ليست أولوية لدى إدارة ترامب، والأهم منها هو الأموال السعودية في السوق الأميركية، لا سيما تلك المتعلقة بصفقات الأسلحة.
كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واضحاً بأنه “لا يجب أن يتم إيقاف دخول كمية كبيرة من الأموال إلى الولايات المتحدة”، مضيفاً “ينفقون (السعوديون) 110 مليارات دولار في صفقات تسليح وهذا شيء عظيم لبلادنا”. علل ترامب ذلك بأن الجريمة “حصلت في تركيا، وخاشقجي ليس بأميركي”. ثم التفت إلى أحد الصحافيين ليتأكد منه قائلاً: “أليس هذا صحيحا أو.. نعم لديه إقامة”، قبل أن يضيف “لن نتخلى عن 110 مليارات دولار من السعودية، تنفق في الولايات المتحدة”.
في المقابل، أعربت شركات تصنيع سلاح أميركية كبرى عن قلقها لإدارة ترامب من أن غضب المشرعين بسبب اختفاء خاشقجي في تركيا سيؤدي إلى وقف صفقات سلاح جديدة مع السعودية، حسب ما قال مسؤول أميركي رفيع المستوى.
بدوره، يحذو رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو حذو الولايات المتحدة. فمن جهة يقول إنه سيواصل الضغط على المملكة بشأن حقوق الإنسان برغم الخلاف الدبلوماسي بين البلدين. ومن جهة ثانية، يؤكد أنه يحترم صفقات الأسلحة الموقعة معها.
وفي فرنسا، لا تكمن المشلكة في مقتل خاشقجي وانتهاكات السعودية المتكررة لحقوق الإنسان، بل في أن الرياض ليست زبوناً كبيراً لباريس في أي مجال”، كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في معرض تعليقه على مسألة مبيعات السلاح إلى الرياض. لفت ماكرون الانتباه إلى أن ما يجمعه مع السعودية والإمارات “شراكة ثقة في المنطقة وهي مهمة، وليست تجارية، هي استراتيجية”.