بعد حالة من الصمت دامت 10 أيام، خرج وزير الداخلية السعودية عبد العزيز بن سعود بن نايف بتصريح “شجب واستنكار” لا لدولة أو جهة رسمية، بل لوسائل الإعلام التي سعت إلى استجلاء حقيقة مصير الصحفي جمال خاشقجي.
تقرير: محمد دياب
لم يجد وزير الداخلية السعودية عبد العزيز بن سعود بن نايف ما يحفظ به وجه بلاده في قضية اختفاء الكاتب الصحافي جمال خاشقجي غير عبارة “لا أوامر” صادرة من قبل الرياض ضده.
وبعد صمت مطبق، خرج الوزير السعودي بتصريح “شجب واستنكار” لا لدولة أو جهة رسمية، بل لوسائل الإعلام التي سعت إلى استجلاء حقيقة مصير خاشقجي.
وتضمن بيان الشجب والاستنكار “الهزيل” نفي ما تم تداوله بوجود “أوامر” سعودية بقتل خاشقجي، ما يطرح مزيداً من التساؤلات عوض أن يقدم إجابات، ويؤكد الشكوك بدلاً من تقديم الحقائق.
وربطُ البيانِ بطريقة تعاطي الإعلام السعودي منذ بداية القضية حتى اليوم يقود إلى نتيجة مفادها “يكاد المريب يقول خذوني”.
ويأتي في مقدمة الأسئلة التي يثيرها البيان سؤال يتعلق بطبيعة اختفاء خاشقجي داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول قبل 12 يوماً، فهل كان اجتهاداً أو مبادرة من القنصل هناك؟ وهل تعليمات السفارة في أنقرة لا علاقة لها بالرياض؟
الواقع أن السفارة أو القنصلية لا يمكنها المبادرة أو الاجتهاد في مثل تلك القضية بمعزل عن الرياض، فهي لا تفعل شيئاً لا يخرج عن إرادة “الأوامر” الملكية في أمور أقل أهمية.
السؤال الثاني يتعلق بحقيقة الأوامر التي صدرت بالفعل من الرياض، والمطلوب من الحكومة السعودية توضيحها بدلاً من أن تزيد الطين بلة ببيان يثير البلبلة، فهل كانت الأوامر هي اتخاذ إجراء آخر مع خاشقجي ثم خرج الأمر عن السيطرة؟
السؤال الثالث يتصل بتوقيت صدور مثل هذا البيان، ولماذا تأخر طيلة هذه المدة؟
السؤال الرابع يتمحور حول خلوّ البيان من أية حقائق أو إجراءات عملية على أرض الواقع قامت بها المملكة لكشف الحقيقة.
وثمة سؤال آخر عن الجهة التي صدر عنها البيان وهي وزارة الداخلية السعودية، التي يتولاها وزير من العائلة المالكة، فلماذا صدر البيان عن الداخلية ولم يصدر عن وزارة الخارجية السعودية وهي الأولى باعتبارها قضية دبلوماسية في أحد جوانبها؟
ويتشعب السؤال الأخير ليفرز أسئلة أخرى عن موقف وزارة الخارجية السعودية، ولماذا غابت تماما منذ بداية الأزمة وحتى اليوم؟ ولماذا غاب وزير الخارجية عادل الجبير برغم حرصه على الظهور وإطلاق التصريحات في قضايا أقل شأناً من قضية خاشقجي؟ فضلاً عن مهاراته الدبلوماسية والحديث بلغة البيت الأبيض الإنجليزية؟