يستذكر أهالي المنطقة الشرقية الشهداء الأربعة الذين أعدمتهم السلطات السعودية في الساحة العامة في الدمام، قبل أكثر من ثلاثة عقود، بسبب رفضهم الظلم المفروض على أبناء المنطقة ورفعهم صوت المطالب الحقة. تحل هذه الذكرى وسط مواصلة السلطات تكتمها على مكان الجثامين الأربعة، ورفضها للدعوات المتواصلة بتسليمها إلى ذوي الشهداء.
تقرير: سناء ابراهيم
رؤوس قطّعت بحد السيف.. وجثامين غيّبت منذ أكثر من ثلاثة عقود.. في سياسة دأب على ممارستها نظام آل سعود منذ نشأته، وحتى يومنا هذا، متجاهلاً كل الأصوات الحرة المطالبة باسترداد الجثامين المحتجزة لإكرامها.
ارتقى محمد القروص، علي الخاتم، أزهر الحجاج، وخالد العلق شهداء قرابيناً للحرية والكرامة، اثر رفضهم تسلط النظام وبطشه وتنكيله وهضمه لحقوق أهالي المنطقة الشرقية. خلع الشباب الأربعة رداء الظلم وثاروا على الظالم بكلمة الحق ونداء الحرية.
مضت 31 عاماً على استشهاد الشبان الأربعة بحد سيف آل سعود، وتنفيذ السلطات حكم الإعدام فيهم بعد اتهامهم المزعوم بتفجير شركة “صدف” البتروكيماوية التابعة للهيئة الملكية في مدينة الجبيل، في المنطقة الشرقية، الذي وقع في 14 شعبان 1408 هـ، في عام 1987م، في انفجار خلف حريقاً استمر لاسبوعين. آنذلك، سارعت السلطات إلى اتهام أبناء الطائفة الشيعة المحرومين من خيرات منطقتهم الغنية بالثروات، موجهة الاتهام إلى الشهيد القروص الذي كان موظفاً في الشركة، واتهمت رفقائه الثلاثة علي خاتم، أزهر الحجاج، وخالد العلق، بمشاركته في “التفجير”.
اتخذ النّظام الانفجار ذريعة لشن حملة اعتقالات وانتهاكات على أهالي المنطقة الشرقية. فتشت المنازل واعتقلت المواطنون بطرق وحشية على يد عناصر الأمن، حيث استدعت أعداداً غفيرة منهم وفرضت بآلياتها العسكرية حصاراً عسكرياً على جزيرة تاروت، اعتقل خلالها الشهيد القروص. وبعد نحو ثلاثة أشهر ونصف، اعتقلت كلاً من الحجاج والعلق والخاتم في منطقة القطيف بواسطة كمين عسكري.
تداعت أجهزة السلطة بعسكرتها واسندتها “هيئة كبار العلماء” التي أفتت بإعدام الشبان الأربعة، واتخذت من يوم 19 من صفر 1409 هـ موعداً لقطع الرؤوس في ساحة الإعدامات أمام “المسجد الكبير” في مدينة الدمام.
تعرض الشهيد أزهر الحجاج (23 عاماً) للملاحقة والانتهاكات السلطوية لمشاركته في التظاهرات ورفضه الظلم والقهر المهيمن على المنطقة. ولطالما تابع القضايا الأمة الإسلامية وحملها همّاً من منطلق تديّنه والتزامه، ولذلك ثار على التضييق وكسر حاجز الصمت.
بدوره، تعرض الشهيد علي الخاتم (29 عاماً) ابن بلدة الربيعية في تاروت للاعتقال غير مرة ومورست بحقه شتى أنواع التعذيب خلف القضبان، قبيل أن تقرر السلطات إسكات صوته وإعدامه ضمن سياسة تكميم الأفواه.
كذلك، فإن الشهيد محمد علي القروص (23 عاماً) الذي شارك بمظاهرات البراءة من المشركين خلال أيام الحج، وخط الشعارات المطلبية والمناهظة للظلم على الجدران، تعرض للاعتقال والتعذيب، ليختتم حياته بالشهادة.
وبعد مشاركته في مسيرات البراءة من المشركين، وسفره إلى إيران طلبا للعلم والزيارة الدينية، تعرض ابن قرية سنابس في تاروت، الشهيد خالد عبدالحميد العلق، لملاحقة أمنية، بسبب العلاقات المتأزمة بين الرياض وطهران، ليختم حياته بالشهادة برصاص عناصر الأمن.
بعد 31 عاماً على تاريخ الإعدام، لا تزال السلطات تخفي جثامين الشهداء الأربعة، وتتكتم على مكان دفنهم، حارمة ذويهم من حقوقهم باسترداد جثامين أبنائهم، ممعنة في انتهاكها للحقوق والشرائع الدينية والقانونية.