واشنطن بوست: حربنا ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي فاشلة

أميركا / يوجين روبنسون – إنه ليس من السابق لأوانه قول ما بات واضحاً: عند هذه النقطة، أصبح يمكن النظر إلى الحرب ضد “الدولة الإسلامية” على أنها فاشلة فقط.

كانت القوة الجوية بقيادة الولايات المتحدة بالكاد قادرة على منع المسلحين الجهاديين من الاستيلاء على بلدة كوباني السورية، بالقرب من الحدود التركية، ورغم ذلك قد تسقط هذه المدينة المحاصرة.

وبعيداً إلى الجنوب الشرقي، أصبح مقاتلو “الدولة الإسلامية” على بعد أميال قليلة من بغداد، ويهددون بتعزيز سيطرتهم على محافظة الأنبار الشاسعة، معقل السنة في العراق. و”الخلافة”، كما نصب التنظيم نفسه، لا تزال سليمة، وقواتها مستمرة في التقدم.

التدخل بالقوة العسكرية الأقوى في العالم لم ينتج لا صدمة ولا رهبة. وبلا شك، تلحق الضربات الجوية للولايات المتحدة وقوات التحالف بعض الضرر بقوات “الدولة الإسلامية” ومعداتها، ولكن هذا القصف لم يفعل شيئاً تقريباً لتغيير التوازن الاستراتيجي للسلطة، أو لتعزيز حظوظ حلفائنا المزعومين على الأرض، وهم المتمردون السوريون “المعتدلين”، والجيش العراقي “سيء الحظ”.

لماذا، إذاً، نخوض هذه الحرب؟

كان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، متردداً لسبب وجيه بسأن المشاركة في الحرب الأهلية السورية أو تجديد التورط العسكري الأمريكي في العراق. واستراتيجيته بالقيام بالضربات الجوية فقط تعكس هذا الحذر. ولكن النتائج حتى الآن تشير إلى أن الرئيس، قد يكون لا يزال يتبع غرائزه الأصلية، ويريد البقاء خارج الصراع.

وقال وزير الخارجية، جون كيري، يوم الأحد، رداً على سؤال في مؤتمر في القاهرة حول الوضع اليائس في كوباني، إن هذه المدينة لا “تحدد” استراتيجية التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد “الدولة الإسلامية”، وأضاف أن “التركيز لا يزال أولاً على العراق”.

ولكن في العراق سيطرت “الدولة الإسلامية” على الأراضي الجديدة، وعززت مكاسبها السابقة. إن المتشددين الجهاديين يقاتلون من أجل السيطرة على المدن الرئيسية في محافظة الأنبار، مثل الفلوجة والرمادي، وشنوا هجمات في منطقة أبو غريب على مشارف بغداد، كما قامت القوات الأمريكية مؤخراً بالتحليق بالهليكوبتر لتخفيف التهديد الذي قد يمثله اغتنام المتشددين لمناطق حول مطار المدينة الدولي.

ولا أحد يعتقد بأن لدى “الدولة الإسلامية” القدرة على السيطرة على بغداد، حيث ستدافع الميليشيات الشيعية وما تبقى من الجيش العراقي عن العاصمة بشراسة، ولكن لا أحد يعتقد أيضاً بأن الضربات الجوية وحدها سوف تكون كافية لإخراج “الدولة الإسلامية” من الأراضي العراقية التي تحتلها. وقال السناتور جون ماكين، وهو جمهوري من أريزونا، يوم الأحد لقناة CNN التلفزيونية: “إنهم ينتصرون، ونحن لا”.

وتستجيب إدارة أوباما لهذا النقد عادةً بالقول إن استراتيجيتها سوف تستغرق وقتاً لتنفيذها. ووفقاً لكيري: “نتوقع، كما قلنا من قبل، أنه سوف يكون هناك نقاط من الصعود وأخرى من الهبوط في العملية”.

ولكن هذا الصبر لن يكون مبرراً إلا في حال كان هناك أمل معقول بأنه يمكن النجاح في التغلب على العقبات السياسية التي لا تعد ولا تحصى. ولست متأكداً هنا ما إذا كان الرئيس ومساعدوه مذنبين بالإفراط في التفاؤل أم بخداع أنفسهم؟.

والوضع في كوباني يمكن استخدامه كمثال توضيحي هنا. هذه البلدة الحدودية تقع ضمن نطاق المدفعية التركية، والتي يمكنها أن تدمر بسهولة تشكيلات “الدولة الإسلامية” التي تقاتل في المعركة، ومع ذلك، فإن الأتراك لا يطلقون النار، كما وأنهم لا يسمحون لأكراد تركيا بعبور الحدود ومساعدة إخوتهم في سوريا. وذلك على الرغم من أنهم سمحوا سابقاً لآلاف من المقاتلين الإسلاميين بالمرور عبر أراضيهم للانضمام إلى القتال للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مسؤولون أمريكيون، يوم الأحد، إن الحكومة التركية قررت السماح باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية في القيام بعمليات ضد “الدولة الإسلامية”، إلا أنه، ويوم الاثنين، أصدر مسؤولون أتراك بياناً قالوا فيه إنه لم يتم اتخاذ أي قرار مثل هذا.

ويريد الأتراك أن تشمل أهداف التحالف بقيادة الولايات المتحدة هدف الإطاحة بالأسد، وهم على وجه التحديد يريدون إقامة منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي ضد طائرات الأسد، لكي يحصل اللاجئون على المأوى في الجانب السوري من الحدود. ولكن سوزان رايس، وهي مستشارة أوباما للأمن القومي، قالت الأحد إن الإدارة لا تنظر إلى هذه المنطقة “كأمر ضروري لتحقيق هدف تدمير الدولة الإسلامية في نهاية المطاف”.

وفي العراق، لن تتحقق هزيمة “الدولة الإسلامية” طالما أنها تحظى بدعم، أو على الأقل قبول، من قطاعات كبيرة من الأقلية السنية في البلاد، وهذا لن يتغير طالما استمر السنة باعتبار المتشددين الجهاديين حصناً لهم ضد الاغلبية الشيعية وميليشياتها الطائفية.

أوباما كان يعلم منذ البداية أن هذه، وغيرها، من المشاكل في العراق وسوريا هي سياسية أساساً، وبالتالي لا يمكن حلها من خلال العمل العسكري وحده، ولذلك، لا بد من التساؤل مرة أخرى: ما هي بالضبط الإنجازات التي نعتقد أن قنابلنا قادرة على تحقيقها؟