السعودية / متابعات – فتح إعلان المملكة العربية السعودية عن استعدادها لاستضافة البرنامج العسكري الأمريكي على أراضيها الذي أقر نهاية الشهر الماضي لتدريب المقاومة السورية المسماة "المعتدلة" فتح ذلك الباب مجددا للحديث عن حقيقة الوجود العسكري الأمريكي في المملكة، خاصة بعد مقتل أمريكي وإصابة آخر أمس الثلاثاء يعملان لصالح شركة أمريكية لمهمات التدريب للحرس الوطني السعودي.
وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها منذ قليل عن أن المواطنين الأمريكيين من موظفي شركة "فينيل السعودية" وهي إحدي الشركات التابعة لشركة "نورثروب جرومان" ومقرها ولاية فرجينيا، وهي شركة دفاع أمنية عملاقة.
ونوهت الصحيفة إلى أن فينيل العربية تعمل مع الجيش الأمريكي بموجب عقد طويل الأمد، لتوفير خدمات التدريب للحرس الوطني السعودي ويوجد بفينيل 300 مواطن أمريكي من أصل 800 موظف.
وكانت شركة "نورثروب جرومان" أعلنت في 2010 أن فينيل فازت بعقد قيمته تصل إلي 550 مليون دولار لتدريب الحرس الوطني السعودي وأصدرت الشركة بيانا أن فينيل توفر تدريبا عسكريا من قبل الجيش الأمريكي وتقدم خدمات لوجستية وخدمات دعم في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية.
ولفتت الصحيفة إلي وفاة 36 شخصًا في مايو من عام 2003 من بينهم 9 موظفين لفينيل وكان من بينهم 7 أمريكيين، قتلوا في الهجوم علي ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض مع سيارات مفخخة.
تدريب المعارضة السورية على يد أمريكيين في السعودية
يأتي هذا فيما قال مسؤولون أمريكيون الخميس الماضي: إن المملكة العربية السعودية وافقت على استضافة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلين في اطار استراتيجية موسعة للرئيس الامريكي باراك أوباما لقتال الدولة الإسلامية الذين استولوا على اجزاء من سوريا والعراق.
والمقصود بالمعارضة المعتدلة الجبهة الاسلامية التي تضم عدة فصائل ذات توجه اسلامي لكنها على خلاف عقائدي مع الدولة الاسلامية داعش وتحظى بدعم من السعودية مكثف منذ اكثر من سنة وهناك فصائل أقل تنظيما للجيش السوري الحر الذي يقيم قادته في تركيا قريبا من حدود سوريا.
وتعبر موافقة السعودية فيما يبدو معبرة عن مدى قلق المملكة من التهديد الذي تمثله الدولة الإسلامية (داعش) للمنطقة، والذي بات ملاصقاً لحدودها.
وقال مسؤول أمريكي كبير في تصريحات صحفية: “ما لدينا الآن هو تعهد من المملكة العربية السعودية بأن تكون شريكا كاملا معنا في ذلك الجهد بما في ذلك استضافة ذلك البرنامج التدريبي.”
وظهر القرار السعودي بعدما تحدث أوباما هاتفيا في وقت سابق مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
فيما رفض المسؤولون الأمريكيون تحديد الموقع الذي سيتدرب فيه مقاتلو المعارضة السورية في السعودية.
يأتي هذا بعدما أعلنت وزارة الدفاع الامريكية أن الغارات الجوية ضد الدولة الإسلامية "داعش" ليست كافية وأن الأمر سيحتاج إلى تدريب 15 ألف مقاتل سوري، مؤكدا أن الدفعة الأولى من هؤلاء وصلت إلى السعودية.
وقالت مصادر في البنتاغون: إن المرحلة الأولى تشمل تدريب وتأهيل حوالي 5 آلاف مقاتل سوري من المعارضين المعتدلين خلال السنة الأولى من العملية.
كما يأمل المسؤولون في واشنطن في أن يستفيد المتمردون السوريون من الضربات الجوية على مواقع "داعش" ليحققوا انتصارات على الأرض.
وتم الإعلان عن تخريج أول دفعة من هؤلاء المقاتلين السوريين الذين تم تدريبهم في المعسكرات الأمريكية بالسعودية منذ نحو أسبوع، وينتمي هؤلاء إلى تنظيمي "حزم" و"جبهة ثوار سوريا" اللذين يحظيان بدعم عسكري وسياسي كبير من قبل السعودية والولايات المتحدة.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد خفضت قواتها العسكرية من السعودية في عام 2003، حيث تشير التقديرات إلى بقاء ما يقرب من 5000 إلى 10.000 جندي في المملكة، وتم قصر مهمتهم الرسمية على التدريب العسكري، بينما تم الإعلان عن نقل 4500 جندي أمريكي إلى دولة قطر المجاورة.
فقد كان كان للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية التي تتبع لها السعودية والخليج ومصر والسودان والأردن والعراق وإيران وغيرها عند أحداث 11 سبتمبر 13 مرفق خاص بها في المملكة بالإضافة إلى حقها في استخدام 66 مرفقا تابعا للقوات المسلحة السعودية، إلى أنه تم تقليصها بعد عام 2003.
فيما كان يتكون البرنامج العسكري الأمريكي في المملكة من ثماني مناطق عسكرية هي: ـ الشمالية الغربية (تبوك) ـ الجنوبية (خميس مشيط) ـ الغربية (جدة). ـ الشرقية (الظهران) ـ الوسطى (الرياض) ـ الطائف (مركز الطائف) ـ المدينة (المدينة المنورة). ـ الشمالية (حفر الباطن).
مدن عسكرية
وتستخدم القوات الأمريكية العديد من المدن العسكرية التابعة للجيش السعودي، التي منها على سبيل المثال: مدينة الملك خالد العسكرية في الشمالية (حفر الباطن) وهي أكبر المدن العسكرية في البلاد ومن أكبر المدن العسكرية في العالم وبلغت تكاليفها (18) مليار ريال وتستوعب (50) ألف نسمة ومساحتها (2400) كم مربع، تضم مقرات لأركان القوات المسلحة البحرية والجوية والبرية، وغرف عمليات تحت الأرض، مركزا للقيادة العامة، ومدرسة لسلاح الهندسة، وتحميها أنظمة صواريخ وأسراب عدة من الطائرات، وكانت هذه القاعدة هي مركز القوات الأمريكية في مواجهتها للقوات العراقية لإجلائها عن الكويت وتحطيم البنية التحتية في كامل العراق أثناء غزوه عام 2003.
قواعد عسكرية
أما القواعد العسكرية فإن الولايات المتحدة كانت ولا تزال تستخدم العديد من القواعد العسكرية الجوية في المملكة وعلى رأسها قاعدة الملك عبد العزيز الجوية بالظهران، وهي القاعدة الأم لجميع القواعد الأمريكية في الشرق والرابط الأساس بين القواعد الأمريكية في أوروبا وغرب آسيا، وقد أنشأها الجيش الأمريكي باتفاق مع الملك عبد العزيز بن سعود ضمن شروط بين الطرفين أبرزها تعهد أمريكا بحماية النظام السعودي من أي تهديد داخلي أو خارجي. ولم تزل القاعدة منطلق الطائرات الحربية الأمريكية في المهمات العسكرية الأمريكية في المنطقة.
كما تستخدم القوات الأمريكية العديد من القواعد العسكرية الجوية الأخرى في المملكة ومنها قاعدة الملك عبد الله بن عبد العزيز الجوية بجدة، وقاعدة الملك فهد الجوية بالحوية بالطائف، وقاعدة الملك فيصل الجوية في تبوك.
أما قاعدة الأمير سلطان الجوية في الخرج، فهي مقر القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية الآن وكانت في الأصل معدة لإيواء الطائرات الأمريكية القادمة من عُمان والولايات المتحدة، حتى تم تطويرها وتوسيعها لاستقرار القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية ولطائرات التزود بالوقود، وطائرات الأواكس، وطائرات النقل، حيث كان فيها ما يقرب من 5000 جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأميركي، وأكثر من 80 مقاتلة أميركية ومن هذه القاعدة كانت تنطلق صواريخ باتريوت أثناء حرب الخليج الثانية، كما استخدمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران الذي كان مفروضا على شمال العراق وجنوبه إبان فترة العقوبات الدولية، كما كانت تعمل مركزا للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأميركية في المنطقة.
وتكمن أهمية قاعدة حفر الباطن الجوية في كونها أقرب إلى مهمات القوات الأمريكية الرئيسية في العراق وسوريا حاليا، حيث يوجد بها قاعدة خاصة بطائرات إف 111 المتقدمة جداً في أعمال التجسس واستعملت للطائرات العمودية الفرنسية وطائرات الإسناد الجوي القريب، وطائرات التدريب الأمريكية.
الجدير بالذكر أن المملكة كانت قد استضافت منذ عام 1990 عدداً من القواعد العسكرية الأمريكية شبه الدائمة ودفعت أكثر من خمسين بالمئة من كلفة العمليات غير القتالية ضد العراق، وفى عام 2003 قامت 300 طائرة حربية أمريكية مختلفة الأصناف بدك العراق انطلاقاً من تلك القواعد، وسمح لها بالتالى بحرية الحركة فى الأجواء السعودية، وبالقيام بعمليات التقصى والإنقاذ، كما سمح لقوات العمليات الخاصة الأمريكية وغيرها أن تنطلق من الجوف فى شمال السعودية باتجاه العراق.
قواعد جوية سرية في الجنوب
وكشفت تقارير صحفية العام قبل الماضي عن وجود قواعد جوية أمريكية سرية في الربع الخالي جنوب المملكة العربية السعودية بالقرب من الحدود مع اليمن.
وأوضحت التقارير أن صفقة غير رسمية تمت بين إدارة أوباما والسلطات الحاكمة في المملكة منذ ثلاثة أعوام بنيت بموجبها قاعدة جوية في الجنوب السعودي.
فيما عرض موقع وايلد الأمريكي منذ عامين صورا مسربة عبر الأقمار الاصطناعية لمدرجين لطائرات دون طيار إضافة إلى مدرج تحت الإنشاء يعتقد أنه سيستخدم كمدرج خاص بالطائرات الحربية الأمريكية.
كما كشفت الصور عن ثلاثة مواقع صدفية الشكل بطول 150 قدما وعرض 75 قدما للحظيرة الواحدة يعتقد أنها مرابد لطائرات دون طيار من نوع بريداتور.
فيما كشفت الصور أيضا عن مساحة سوداء كبيرة بالإضافة إلى منشآت عسكرية تميط اللسان عن أنشطة عسكرية مريبة للولايات المتحدة الأمريكية في جنوب المملكة السعودية، هذا قبل أن يعمد جوجل إرث إلى مسح تلك الصور من البرنامج بعد تسريب أخبارها إلى الإعلام.
إلى ذلك بعدما كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن أول عملية للقاعدة السرية جنوب المملكة كانت في سبتمبر عام 2011 حيث استهدفت طائرة بدون طيار منطلقة من تلك القوعدة القيادي في تنظيم القاعدة في اليمن أنور العولقي، لتتوالى بعد ذلك عشرات العمليات المنطلقة من تلك القاعدة ضد التنظيم في شبه الجزيرة العربية.
وكانت فضيحة سياسية كبيرة هزت النظام الحاكم في المملكة العربية السعودية بعد كشف الصحف الامريكية العام قبل الماضي عن قاعدة عسكرية امريكية سرية في المملكة العربية السعودية تم إنشاؤها لاستهداف قيادات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وذلك بعد على الرغم من إعلانها عن انسحاب القوات الامريكية من أراضي المملكة منذ سنوات.
كما توجد قاعدة أمريكية غير مسماة يُعتقد أنها تستخدم في إطلاق الدرونز (الطائرات بدون طيار) خاصة باتجاه اليمن ولمراقبة مياه الخليج.
أهداف ذات قيمة كبيرة
وقد أنشئت قاعدة الطائرات بدون طيار في ديسمبر عام 2009 في المملكة العرية السعودية، عقب هجوم بصواريخ كروز في اليمن، كما قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وكان ذلك أول هجوم تأمر به إدارة الرئيس أوباما، وقد انتهى نهاية مأساوية حين قتل فيه عشرات المدنيين، كان من بينهم نساء وأطفال.
وتستطيع الطائرات بدون طيار المنطلقة من المملكة تنفيذ هجماتها بدون الحصول على تصريح من الحكومة اليمنية.
وكان كثير من المسلمين – ومن بينهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن- يرون في نشر قوات أمريكية في السعودية، حيث توجد الأماكن المقدسة، خيانة تستوجب القتل.
وكان ذلك أحد الأسباب التي اعتاد ابن لادن على ذكرها لتبرير العنف ضد الولايات المتحدة وحلفائها.