لم يعد الموقف التركي بالحدة نفسها التي بدأها في قضية اغتيال الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي، خاصة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب صراحة عن تبرئة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
تقرير: بتول عبدون
تُواجَه تركيا، العازمة على معرفة هوية الجهة العليا التي اصدرت أمر قتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي، بتبرئة واضحة من قبل الرئيس الأميركي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
تعتبر مصادر متابعة لقضية خاشقجي أنه كلما طالت الفترة التي تقف فيها تركيا في وجه السعودية زادت احتمالات أن تبدو معزولة، في ضوء صرف الدول الأخرى الأنظار عن هواجسها والعودة إلى التعامل مع أكبر دول العالم تصديراً للنفط.
وتشير المصادر نفسها إلى أن طول فترة المواجهة مع الرياض قد يعرّض للخطر التقارُب التركي الهش مع الولايات المتحدة، إذا ما دفعت ترامب إلى اختيار الوقوف مع أي من القوتين الإقليميتين المتنافستين.
ويبلغ المأزق التركي ذروته، خلال الأسبوع الحالي، في قمة مجموعة دول العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، التي ربما يلتقي فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بان سلمان، حسبما ذكر مسؤولون أتراكاً.
وكان أردوغان قد أكد مراراً أنه على ابن سلمان أن يجيب عن أسئلة تتعلق بجريمة القتل، من دون أن يذكر ولي العهد السعودي بالاسم. في حين قال أحد مستشاري أردوغان إن يدي ابن سلمان “ملطختان بدماء خاشقجي”.
في المقابل، وقف الرئيس الأميركي إلى جانب ولي العهد، وقال إنه “لا يريد تعريض عقود أميركية للخطر”، وتحدى ضغوطاً شديدة من أعضاء الكونغرس لفرض عقوبات أشمل على السعودية. وربما تكون تلك الرسالة الواضحة من جانب إدارة ترامب هي التي تدفع تركيا إلى إعادة التفكير، وفقاً للمصادر نفسها.
ويقول الدبلوماسي التركي السابق والمحلل فلي “مؤسسة كارنيغي أوروبا” سنان أولجن إن “الهدف التركي كان الضغط على ترامب للتخلي عن العلاقة مع السعودية، غير أن ترامب قرر تعزيز هذه العلاقة”. وبرأي أولجن، “يتعين على أنقرة إعادة التقييم لكيفية إدارة الأمر”، فـ “أولوية أردوغان هي تأمين التحسن المتواضع في العلاقات مع واشنطن منذ أن أفرجت محكمة تركية عن القس الأميركي الذي احتُجز عامين بتهمة الإرهاب”، مضيفاً “تركيا لا تريد تعريض رأس المال السياسي الذي كسبته في واشنطن للخطر من خلال المبالغة في قضية خاشقجي”.