الكويت / التقرير – طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان السلطات الكويتية بالتوقف فوراً عن سحب جنسيات المعارضين، وإعادة الجنسية لمن سحبتها منهم، مشيرة إلى أن السلطات أعلنت عن الموجة الثالثة من عمليات نزع الجنسية، ضمن حملة عامة على مُعارضيها.
وأجرت المنظمة الحقوقية مقابلات مع نشطاء وصحفيين ودبلوماسيين أجانب، وجميعهم قالوا إن أعمال نزع الجنسية تلك كان لها تأثير سلبي، ووصفت إحداهن هذه الممارسة بأنها “مخطط شيطاني”، مشيرة إلى التراجع الدراماتيكي في انتقاد الحكومة عبر الإنترنت وانخفاض أعداد المتظاهرين في المظاهرات، التي يعتقد أنها مرتبطة بصورة كبيرة بأول موجة من عمليات نزع جنسية في يوليو/تموز.
وبحسب المادتين 11 و13 من قانون الجنسية الكويتي يخول القانون السلطات إمكانية تجريد الأفراد وعائلاتهم من جنسيتهم الكويتية لعدة أسباب؛ من بينها “استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك”، أو في حال ارتأت السلطات أن الفرد قد قام بـ”الترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي في البلاد”، ولا تخضع قرارات الإلغاء لأية عملية طعن قضائي أو إداري.
ودعت المنظمة، في بيانها، السلطات الكويتية إلى تعديل قانون الجنسية لإعطاء الأفراد إمكانية اللجوء إلى هيئة مستقلة للطعن في قرارات تصدر بحقهم في هذا الشأن.
وسحبت الكويت خلال الأشهر الماضية جنسيات 33 شخصا وجنسيات غالبية أقربائهم، وذلك في قرار اعتبرته هيومن رايتس ووتش “سياسيا” بالنسبة لثلاث حالات.
الموجة الأولى:
وكان أحمد جبر الشمري (50 عاماً) واحدا من خمسة أشخاص ألغيت جنسيهم في 21 يوليو/تموز، وهي الموجة الأولى ممن تم سحب جنسيتهم هذا العام، ولكن استندت قضيته فقط على اتهامه بتقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي.
وبات الشمري بسبب سحب جنسيته بلا جنسية، كما أن أطفاله الأربعة أصبحوا كذلك عديمي الجنسية بموجب أحكام القانون، علاوة على أنه خسر المنافذ الإعلامية التي يمتلكها ومصالحه التجارية الأخرى في الكويت.
وقال الشمري لـ هيومن رايتس: “إن المحكمة التي تقدم لها بالتماس لطلب المراجعة القضائية لإلغاء جنسيته، حكمت بأنها لا تمتلك سلطة قانونية في هذه القضية”.
وكان الشمري يملك قناة تليفزيونية مستقلة هي “اليوم”، وصحيفة “العالم اليوم”. وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران أصدر وزير الإعلام الكويتي أمرا بالإغلاق المؤقت لكلا الوسيلتين الإعلاميتين، بعدما تحدث عن التعتيم الإعلامي الذي أمرت به النيابة العامة حول تحقيقاتها في مؤامرة مزعومة من قبل مسؤولين كبار للإطاحة بالحكومة.
الموجة الثانية:
وفي 14 أغسطس/آب أعلنت السلطات عن الموجة الثانية لإلغاء الجنسية، بموجب المادة 13، وكان من بين أولئك الذين جردوا من جنسيتهم، نبيل العوضي، الداعية الديني المحافظ المعروف على نطاق واسع بسبب برامجه التليفزيونية الحوارية.
وبموجب القانون، فقد سبعة أفراد من عائلته فيما بعد جنسيتهم. وكان العوضي ضمن مجموعة من السكان منذ فترة طويلة في الكويت ممن يُطلق عليهم “البدون”، والذين كانوا يعتبرون عديمي الجنسية، إلا أنه حصل على الجنسية عام 1998. ووفقاً لوثيقة رسمية لمجلس الوزراء، فقد تم تجريده من جنسيته على أساس تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي للبلاد، أو تقويض مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي.
ضمت قائمة المسحوبة جنسيتهم في 29 سبتمبر/أيلول، سعد العجمي، المتحدث باسم مسلم البراك، وهو سياسي بارز في المعارضة، وتمت إدانة البراك بإهانة أمير البلاد في عام 2012، واعتقل في يونيو/حزيران بتهمة “إهانة القضاء”، وهو الأمر الذي تسبب في خروج الآلاف للشوارع حتى أفرج عنه بعدها بعدة أيام.
وتم إلغاء جنسية العجمي بموجب المادة 11 من قانون الجنسية، الذي يسمح بسحب الجنسية من أي شخص حصل على الجنسية من بلد آخر، وقال العجمي لـ منظمة هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن المادة 11 استخدمت في قضيته، إلا أنه الآن أصبح من عديمي الجنسية لأنه لم يحمل جنسية أي بلد آخر.
من جهته، قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن السلطات الكويتية تعتقد بأن بمقدورها أن تستخدم غطاء قانون الجنسية لاستهداف المنتقدين وردع مُعارضيها، ولكن رسالة الكويت الحقيقية المتمثلة بالتخويف الرسمي قد سٌمعت بصوت عال وجلي”.
وأشارت المنظمة، التي تأسست عام 1978، في بيانها إلى إصدار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريرا ذا طابع مرجعي يحدد فيه معايير تحديد مشروعية قرار أي بلد بسحب جنسية أحد مواطنيه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأضافت أن التقرير تضمن قبولاً لإلغاء الجنسية بصفته مشروعا في حالة “تقديم الخدمات إلى حكومة أجنبية أو قوة عسكرية أجنبية، أو ارتكاب أعمال يمكنها أن تضر بشكل خطير بالمصالح الحيوية للدولة”.
وأوضحت أن التقرير خلص إلى أن “سحب الجنسية من مواطن بسبب ممارسة الحق في حرية التعبير يصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان المكفولة بموجب القانون الدولي”.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها