تقرير: محمد دياب
رادود وصوفي عاشقان لآل بيت النبوة غرفا معاً من بحر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
يستوقفك هذا المشهد للوهلة الأولى، حيث السؤال، هل أنا أتابع قناة تبث من بلاد الشام، أم فعلاً هي محطة سعودية أراد الشريان من خلال برنامجه أن يحطم “أصنام الوهابية” بأوامر ملكية ولغاية في نفس ولي العهد محمد بن سلمان.
الرادود الحسيني والمنشد الأحسائي صابر المضحي في برنامج داود الشريان على قناة “سي بي أس”، في حلقة تناولت أنواع الأصوات الغنائيّة والإنشادية في ارض الجزيرة العربية، خطوة مستهجنة في مملكة غلفها سواد الوهابية، للمرة الأولى في تاريخ التلفزيون السعوديّ يستعرض فن الإنشاد عند المواطنين الشيعة، وعند الصوفيين. فهل هو قطار التعايش قد انطلق في السعوديّة؟ أم حركة دوران 180 درجة لخلق مناخ صحيّ باستثمار تنوع الهويّات في السعوديّة وتعريف المجتمع السعوديّ بها.
إنّ الإعتراف بأنماط فنّ الصّوت المتنوعة في البلاد يتطلب الإعتراف بالتنوع الشعبي والمذهبي في البلاد، وأن لا تختزل الثقافة والحضارة في السعودية بالثقافة النجدية وحسب، فلكل منطقة فنّها وتراثها وأنماطها، (الحجاز، نجران، الأحساء، القطيف، أبها، إلخ)، وذلك لا يتأتّى لمجرد استضافة رادود أو منشد على قناة رسميّة.
إذا كان بث حلقة يظهر فيها رادود شيعيّ ومنشد صوفيّ مؤشراً لاحترام المسؤولين لتنوع “الهويّات السعوديّة”، فلماذا لا يتم إطلاق سراح الرواديد والمنشدين المعتقلين كمجتبى آل تراب، حسين طرموخ، جعفر السيّد، يحيى الفرج، محمد المسبّح، والمنشد ربيع حافظ، إذ لا معنى لأن نصفّق فرحاً لمجرّد ظهور رادود أو منشد على شاشة، في وقت يقبع فيه عدد من الرواديد والمنشدين في غياهب السّجون.
لم يناقش الشريان التضييق الممنهج على الطائفة الشيعية في البلاد وتقييد الحريّات فيما يتعلق بحقهم بممارسة شعيرة المنبر واللطم الحسيني، ولماذا يحرم أهالي الأحساء الخروج بمواكب العزاء؟ ولماذا يحيي أهالي الدمام مراسيم عاشوراء خلسة؟ في حين يلجأ الشيعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى إقامة المآتم في المزارع والاستراحات.
لماذا تُزال الصّالات وتهدم المضائف والمخيّمات التي يقوم أبناء الطائفة الشيعية فيها بممارسة شعائرهم المرتبطة ارتباطاً وثيقا بفنون الصوت؟
حلقة الشريان كانت مفرحة فعلاً لو أتت في ظل تعايش حقيقي خال من الظلم والقمع،.. وللحديث بقية.