العراق / نبأ – يظهر التبرم السعودي من المنظومة السياسية العراقية الجديدة في مكانه تماما، ثمة شخصيات في هذه المنظومة ما فتئت تؤكد أنها سترسم مسارها الداخلي والخارجي وفق رؤيتها الإستراتيجية لا وفق أهواء السعودية، وهو توجه لا يرتضي به النظام السعودي ولا يطيقه، تأبى المملكة استقلالا واستقرارا عراقيين إلا على مقاسها، هذا هو ديدنها منذ زمن بعيد، على مر التاريخ الحديث لم تظهر الرياض استعدادا ولو مرحليا للتعامل الإيجابي مع بلاد الرافدين.
النزوع العدائي للرياض تجاه عراق ما بعد صدام حسين؛ هو خلاصة للسياسة السّعوديّة إزاء كلّ الجهات أو الأطراف أو القوى التي تخرج عن الطّوق السّعودي، وتعمل على إرساء أنظمة حكم قريبة من الشعب ووفق لعبة الديمقراطيّة. بالنسبة للسعودية، فإنّ عدوى الديمقراطية العراقيّة شرٌّ كبير، يُشبه الشّر الذي كانت تخشاه من الانتفاضات العربيّة، وهو ما جعلها – دون تردّد – تتزّعم حتّى اليوم ما يُعرف بالثّورة المضادة، ولو كلّفها ذلك الأموال الباهظة وخُسران حلفائها التقليديين. وفي العراق، لم تتردّد السّعودية في الذهاب بعيداً في ثورتها المضادة، وإلى حدّ تفعيل المهمات القذرة من خلال العلميات الانتحارية والسيارات المفخخة والمواقف العدائية، وهذا كل ما صدرته السعودية إلى الأراضي العراقية.
كريستوفر هيل سفير الولايات المتحدة السابق في العراق كان واضحا في تجلية تلك الحقيقة، النظام السعودي أول وأكثر من دعم القاعدة في بلاد الرافدين، دعم استهدف إنهاك الدولة العراقية وتقطيع أوصالها بالسكين الطائفية وإخراجها من سوق التنافس النفطي، وبالنظر إلى المؤشرات السياسية الراهنة لا يبدو أن الأهداف المتقدمة قد تبدلت، العقل الحاكم في المملكة لا يقتات إلا عليها، جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكي شهد بنفسه إصرار حلفائه على تخريب العراق وتأزيم أوضاعه الداخلية، أمام عدد من السفراء والدبلوماسيين العرب في نيويورك قال فيلتمان: لم أر أوقح وأسوأ من الحكومة السعودية، متسائلا: “هل يعقل هذا الحقد؟”… وبعد هل يمكن تقديم أي شهادة على اعترافات أهل البيت وأسياده الحقيقيين؟