أخبار عاجلة

المونيتور: تركيا تنافس السعودية ومصر بجامعة إسلامية عالمية جديدة

السعودية / التقرير – لم تكتف تركيا باستصدار قرار باستضافة طلاب الجامعات المصرية الذين تم فصلهم من جامعاتهم، لأسباب سياسية تتعلق بمعارضتهم لسلطة “الانقلاب” الحالية، ولكنها تسعي لتحدي السلطة الدينية التقليدية لمصر التي تعطيها نفوذا في العالم الإسلامي والممثلة في “مؤسسة الأزهر” عبر السعي لإنشاء جامعة إسلامية جديدة عالمية في ظل الحديث عن “هيمنة” السلطة في مصر على هذه المؤسسة.

وكشف تقرير نشرته صحيفة “المونيتور” الأمريكية تحت عنوان: “تركيا تتحدى مصر بجامعة إسلامية جديدة”، Turkey challenges Egypt with new Islamic university أن اشتداد وتيرة الصراع السياسي المصري – التركي بعد كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وانتقاده اللاّذع للنظام المصريّ الحالي ووصفه بـ”الانقلابي”، أخذ منحنى جديدا، يتعلق بالأزهر، بعد إعلان “وزارة الشؤون الدينية الإسلامية” التركية اعتزامها إنشاء جامعة إسلامية في إسطنبول.

4

حيث وجه رئيس مديرية الشؤون الدينية التركية “ديانت” البروفسور محمد غورماز انتقادات لاذعة للأزهر الذي قال إنه “لم يعد يفي بتطلعات الأمة الإسلامية”، وقال لمجموعة من الصحفيين في مكة المكرمة إن المديرية تقدمت إلى مجلس التعليم العالي في تركيا بطلب لفتح جامعة إسلامية.

وكشف عن خطة لتحويل جامعة 29 مايو في الجامعة الإسلامية العالمية إلى مركز إسلامي عالمي، “طالما أن الجامعات الإسلامية في مصر وباكستان وإيران وماليزيا “عاجزة عن إيجاد حلول للمشاكل في العالم الإسلامي”.

وأضاف تقرير “المونيتور” أن تصريحات مسؤولين أتراك أفادت بأن الجامعة الجديدة ستحل محل الأزهر، الذي اتهموه بتضاؤل دوره في العالم الإسلامي، وهو ما أثار غضب الدوائر الدينية في مصر، خاصة بعدما اتهمت تركيا الأزهر بتراجع دوره في العالم الإسلامي.

ونقل التقرير عن محمد شحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية المصرية تأكيده تراجع دور الأزهر بالفعل وسعي الأنظمة المتتابعة لتقييده.

ونقلت “المونيتور” عن عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر، في مقابلة هاتفية، وصفه للخطوة التركية بـ “النكتة” أو “التهريج”، وتابع: “يتمتع الأزهر بقيمة تاريخية عظيمة، ويمتد دوره المؤثر في العالمين العربي والإسلامي لأكثر من ألف عام”.

3

واستطرد عزب قائلا: “حتى لو شيدت تركيا مائة مؤسسة تعليمية، وأسستها بأفخم الأساس، وأحدث التكنولوجيا، لن تكون قادرة على سحب البساط من الأزهر، لأن القيمة التاريخية لا تعتمد على الموقع، بل هناك أكثر من مائة جامعة للدراسات الدينية في العالم، هل استطاعت إحداها التنافس مع الأزهر أول تهديد وضعه؟”.

ومضى يقول: “أتمنى أن تبني كافة دول العالم جامعات إسلامية في مثل منهج الأزهر المعتدل، ولن يؤثر ذلك عليه بأي حال، لا سيما وأنه يمتلك قيمة تاريخية في قلوب المسلمين في شتى أرجاء الأرض”.

وأضاف: “حتى بالنسبة إلى الأتراك فللأزهر قيمة في نفوسهم، وكذلك، عند المذاهب الأخرى من غير أهل السنّة من شيعة وإباضيّة، كما أنه يشكل قيمة في نفوس الأميركيين، وهم يقدرونه، ولذا، وصل إلى ما وصل إليه من عالميّة، فهل تستطيع تركيا أن تشتري هذه العالميّة التاريخيّة بالمال؟ لا أظنّ ذلك”.

غضب بمجمع البحوث الإسلاميّة

ومع أن مصدر رسمي تركي قال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية أن المشروع “لا يعد بديلا عن الأزهر”، فقد أثارت الرغبة التركيّة في إنشاء جامعة إسلاميّة باسطنبول تكون بديلاً عن الأزهر الشريف في القاهرة استياء شديد داخل مجمع البحوث الإسلاميّة في مصر، وهو أعلى هيئة دينيّة في الأزهر، بحسب “المونيتور”.

وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلاميّة في الأزهر لـ” المونيتور”: “إن المحاولة التركية لخلق منافسة ضد الأزهر ليست من أجل نشر تعاليم الدين الإسلامي في العالم، وإنما هي محاولة تحمل أهدافاً سياسيّة بهدف استقطاب أبناء العالم الإسلامي للدراسة في تركيا وإزاحة الأزهر من الوجود ورغبة من أنقرة في استعادة مجدها كدولة خلافة”.

وعن اتّهامات وزير الشؤون الدينيّة التركي للأزهر بتراجع دوره، قال الجندي: “لا أحد ينكر ذلك، بالفعل، تراجع دور الأزهر كثيراً منذ ثورة عام 52، وعملت الأنظمة المتعاقبة في مصر بدءاً من جمال عبد الناصر، مروراً بالسادات، وحتى عهد مبارك على تحجيم دوره”.

2

وأضاف: “عمل هؤلاء الحكام فقط على تمكين أنفسهم، لأنهم لم يكونوا يريدون منافساً لهم، وهو ما كان نتاجه إتاحة الفرص للإخوان والسلفيّين بشكل واسع في المجتمع، لكن الأزهر بدأ يتعافى ويستعيد دوره رويداً بعد ثورة 25 يناير، وهو ما شكّل قلقاً لدى الجانب التركي الذي يريد دائماً إظهار نفسه القطب الأوحد في المنطقة بالتفوق عسكرياً واقتصادياً”.

وأوضح د. الشحات: “كانت هناك مؤسّسات علميّة حاولت منافسة الأزهر مثل الزيتونة في تونس وجامع القرويين في المغرب، لكن أين هي الآن؟ ولهذا، فإن تركيا لن تنجح”.

أيضا قلل أعضاء في هيئة كبار العلماء في مصر -أعلى هيئة دينية في الأزهر- من تلميحات رئيس مديرية الشؤون الدينية التركي الدكتور محمد غورماز أن تركيا تفكر في إنشاء جامعة إسلامية دولية في إسطنبول، مشابهة لجامعة وجامع الأزهر الشريف في مصر.

وقال الدكتور محمود مهنى، عضو الهيئة، في تصريح صحفي: “لقد حاول البعض النيل من الأزهر في السابق، وفشل فشلا ذريعا لأن الأزهر جامعة إسلامية كبرى لها تاريخها العريق ولها رجالها الأفذاذ، والأزهر الذي تريد تركيا أن تجعل له مثيلا، قاوم الاستعمار منذ مئات السنين، وقاوم علماؤه الاستبداد والعنف والإرهاب والحكام الظالمين والاستعمار الغربي”.

“تسييس” للدين

ونقلت “المونيتور” عن الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وصفه لهذه الخطة بأنها “تسييس للدين”.

حيث قال، في حديث هاتفيّ مع المونيتور: “الأمور تتصاعد، وهي بدأت بما اعتبرته مصر تدخلاً في شأنها بمعارضة تركيا لثورة 30 يونيو، ووصفها بالانقلاب، وهو ما أسفر عن طرد القاهرة للسفير التركي واستدعاء سفيرها”.

1

وأضاف: إن كراهية أردوغان للرئيس السيسي واضحة، وبدا ذلك في كلمته خلال الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، والتي زادت من الأمور سوءاً، بعدما ردت عليه الخارجية المصرية ببيان يؤكد أن تركيا تجاوزت الخطوط الحمر، وهذا ينذر بأن غداً سيكون أسوأ من اليوم على صعيد خلافات الدولتين.

وعن الإعلان التركي عن إنشاء جامعة لمنافسة الأزهر، أوضح اللاوندي أنها صفحة أخرى من الخلافات، وقال: “لعل مخاوف أردوغان من استعادة الأزهر لدوره، مع استعادة مصر لريادتها في المنطقة مع تولي الرئيس السيسي هو السبب في إقدام أنقره على تلك الخطوة، ولكن عليه أن يعلم أن تسييس الدين خطر”.

(عادل القاضي)