السعودية/ رويترز- لطالما شعرت الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية بالتهميش.. وحين وقعت الاحتجاجات المطالبة بحقوق أكبر في إطار انتفاضات الربيع العربي عام 2011 بدأت حملة صارمة على المحتجين ومطالب الإصلاح.
لكن أحكام الإعدام التي صدرت على ثلاثة شيعة بينهم رجل دين معارض معروف توحي بأن الاضطرابات الأوسع في المنطقة تحدث تشددا في المواقف تجاه الشيعة في الداخل.
ولم تؤد أحكام الإعدام إلى اندلاع اشتباكات مثل تلك التي خلفت ثلاثة قتلى بعد اعتقال الشيخ نمر النمر في عام 2012 لكنها أثارت احتجاجات لأيام متتالية للمرة الأولى منذ شهور.
كما صدر تحذير من إيران التي تتهمها السعودية بتأجيج الاضطرابات بين الشيعة في الداخل والتي تتنافس مع السعودية على النفوذ في مناطق صراع مثل لبنان واليمن والعراق والبحرين وفي سوريا بوجه خاص.
وقال توفيق السيف وهو قيادي شيعي في القطيف -وهي إحدى مركزين رئيسيين للشيعة في السعودية إلى جانب الإحساء- "ليس هناك شيء رسمي لكنهم حين يغضبون من إيران تزداد شكوكهم في الشيعة وتزداد المشاعر الطائفية أيضا. وهذا يؤثر بالطبع على عملية صنع السياسة وعلى التصرفات."
وكثيرا ما يلقى السعوديون الشيعة اتهامات في الداخل بأنهم موالون لأبناء طائفتهم في الخليج أكثر من ولائهم للأسرة الحاكمة السنية.
ووصفت الحكومة المظاهرات في القطيف في 2011 و2012 بأنها تحريض من "قوة أجنبية" في إشارة لإيران. واتهمت النمر بأنه يخدم المصالح الإيرانية.
ونفى المتظاهرون وإيران هذه الاتهامات. لكن تشجيع مثل هذه الاحتجاجات في وسائل الإعلام الإيرانية وتصريحات مثل التي أدلى بها قائد في ميليشيا الباسيج الإيرانية بأن إعدام النمر سيحول العالم إلى "جحيم" بالنسبة للعائلة المالكة لا تهديء مخاوف لدى السعودية من أن إيران تؤجج الاضطرابات الشيعية ليس فقط في السعودية لكن أيضا في اليمن والبحرين.
* حملة ضد الإسلاميين
من اللافت للنظر أنه خلال الفترة بين عامي 1993 و2006 عندما شعر شيعة السعودية بأن الحكومة أكثر تقبلا لمناقشة ما يرونه تمييزا منهجيا بدت إيران أقل تصميما على الدخول في مواجهة مع عائلة آل سعود.
وتقول السلطات السعودية إنه ليس هناك تمييز ضد الشيعة وإنهم يلقون نفس المعاملة الأمنية والقضائية التي يلقاها السنة.
كما أن الحملة على المعارضة منذ الربيع العربي استهدفت أيضا جماعات سنية تروج لقضية الحكم الإسلامي.
لكن هذا يثير أيضا قلق الشيعة الذين يقول بعضهم إن تشديد المواقف إزاء نشطائهم يبعث برسالة للأغلبية السنية بأن الحملة على الإسلاميين لا تستهدف السنة في النهاية.
قالت مضاوي الرشيد وهي أستاذة زائرة في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد وإحدى المنتقدين للأسرة الحاكمة في السعودية "الحكومة تبدو وكأنها تتعامل بشدة مع الإسلاميين السنة. وهناك قطاعات كثيرة من المجتمع السعودي تجد ذلك أمرا محيرا جدا وغير مقبول."
ولطالما اعتمدت أسرة آل سعود على السنة المحافظين كأساس لقاعدة دعمها في بلد لا يزال يعاني انقسامات قبلية وإقليمية ولا تجري به انتخابات توفر شرعية ديمقراطية.
لكن في الوقت الذي تدعم فيه الرياض الجماعات السنية المعارضة المعتدلة نسبيا التي تقاتل الحكومتين المدعومتين من إيران في العراق وسوريا فقد انضمت أيضا إلى الضربات الجوية التي تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وساعدت الجيش المصري في حملته على جماعة الإخوان المسلمين.
وعلى النقيض مما حدث حين حكم على أربعة شيعة بالإعدام لإلقائهم قنابل حارقة على الشرطة خلال احتجاجات عام 2011 لم يوجه الاتهام للنمر بارتكاب أعمال عنف باستثناء أنه طلب من سائقه أن يصدم سيارة شرطة أثناء الهرب.
لكنه أدين بعدد من الجرائم السياسية مثل التحريض على الخروج على الحاكم والدعوة للإطاحة بالحكومة والتحريض على أعمال شغب في البحرين والتنديد بالقضاء.
وقالت مضاوي الرشيد "حكم الإعدام على النمر مهم جدا في هذه المرحلة لانه يظهر أن السعوديين لن يدعوا الشيعة يفلتون باحتجاجاتهم."