الإمارات العربية المتحدة / الغارديان – قالت منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW) يوم الخميس الماضي، إن دولة الإمارات العربية المتحدة قد فشلت في حماية العاملات المنزليات المهاجرات من التعرض للضرب والجوع والإرهاق، وضعف الأجور، والعمل القسري، وحثت السلطات في الدولة الخليجية على إنهاء نظام تأشيرة الكفالة التقليدي، الذي يكرس للكثير من الاستغلال.
وفي تقرير جديد، قالت المنظمة إن نظام الكفالة، الذي يقضى بأن العامل المحلي لا يمكنه الانتقال إلى وظيفة جديدة قبل انتهاء العقد أو بدون موافقة صاحب العمل، قد جعل العديد من النساء محاصرات في أوضاع مسيئة. حيث أن هناك ما لا يقل عن 146000 عاملة من عاملات المنازل المهاجرات في دولة الإمارات العربية المتحدة، معظمهم من آسيا وأفريقيا.
وقالت روثانا بيغوم، الباحثة في مجال حقوق المرأة في الشرق الأوسط بمنظمة هيومان رايتس ووتش إن القيود التي يفرضها نظام الكفيل في الإمارات يجعل العاملات المنزليات عرضة لخطر الاعتداء وراء الأبواب المغلقة في المنازل الخاصة. وإنه مع عدم وجود قانون عمل لحماية عاملات المنازل فإن أرباب العمل يمكنهم، والكثير منهم يفعل ذلك بالفعل، إرهاق، والاعتداء على هؤلاء النساء.
وقد أجرى معدوا التقرير مقابلات مع 99 امرأة تعملن في البلاد الغنية بالنفط، والتي هي من بين أغنى الدول في العالم. ووجدوا أن بعض النساء يضطررن إلى العمل لمدة تصل إلى 21 ساعة في اليوم، ولا يسمح لبعضهن بمغادرة المنزل، ويحرم بعضهن من تناول ما يكفي من الغذاء. بينما تتعرض أخريات للضرب. وتقريبا جميع جوازات سفرهم يحتجزها أرباب العمل.
و قالت إحدى العاملات الإندونيسيات البالغة من العمر 23 عاما “لا راحة على الإطلاق … وكان العمل ليس كما كنت أتوقع. لقد كان مختلفا تماما. فأنا أستيقظ لبدء الطهي، ثم التنظيف، وغسل الملابس، ثم الطهي مجددا، وحينما بكيت وطلبت العودة إلى الوكالة، قالت لي سيدتي “لقد اشتريتك بالفعل”.
وقالت عاملة أخرى من إندونيسيا “لقد بدأت صاحبة العمل في ضربي بعد أسبوعين من بداية العمل، حيث ضربتني بقبضتها في صدري. وغرست أظافرها في رقبتي، وصفعت وجهي. ولا أزال أعاني من رضوض في رقبتي. وجرتني في بعض الأحيان من خصلات شعري، ولكنني بقيت هناك، على أمل أن تدفع لي أجري، ولكن ذلك لم يحدث.”
وفي شهادات آخرى:
قالت العاملة الفلبينية، سابينا س.، إن صاحبة عملها أرغمتها على العمل 20 ساعة يومياً دون راحة، 7 أيام في الأسبوع، ولدى عائلة مؤلفة من 12 فرداً. وتعرضت سابينا إلى الإساءات اللفظية والجسدية، كما أخذ منها جواز سفرها وهاتفها، وحبست في المنزل.
وقالت صاحبة العمل للفتاة الفلبينية إنها ستدفع لها رواتبها عند انتهاء عقد العمل. وبعد عامين طلبت الفتاة نقودها، ولكن صاحبة العمل كانت قد ضيعت جواز سفرها، فقالت: “عليك الانتظار حتى يتم تجديد جواز سفرك. سأعطيك نقودك عند رحيلك”.
ورغم ذلك، لم تتلق سابينا أجراً عن عامين و7 أشهر عملت فيها، وكانت ما زالت في انتظار تلقي راتبها عند تحدثها مع هيومن رايتس ووتش.
وبدورها، قالت العاملة الأندونيسة طاهرة س. إن صاحبة عملها حبستها داخل منزلها، وكانت تصيح فيها وتضربها كما كسرت عظمة بذراعها. وصادرت صاحبة العمل جواز سفر طاهرة أيضاً، كما أرغمتها على العمل 15 ساعة يومياً دون فترات راحة أو عطلات، وكانت تتركها تنام على الأرض دون أغطية، ولا تقدم لها الطعام سوى مرة واحدة يومياً وتحرمها منه إذا لم تعتبر عملها مرضياً. ووعدت صاحبة العمل بألا تدفع لها إلا في نهاية عقدها، لكنها لم تدفع شيئاً آنذاك.
وكانت طاهرة قد قررت السفر إلى الخارج للعمل وبناء منزل عند عودتها. حيث إنه، ومع وجود عدد قليل من الخيارات للعمل في قريتها في منطقة سوبانج، جاوة الغربية، وجدت الفتاة نفسها مضطرةً للهجرة إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2012 لتصبح عاملة. وقد كان لديها آمال كبيرة لجمع ما يكفي من المال هناك لدعم زوجها وابنها الشاب في منزله في إندونيسيا. لكن حلمها سرعان ما أصبح كابوساً.
وقالت طاهرة: “بدأت ربة عملي تضربني بعد أسبوعين من وصولي. ورغم أنها كانت تضربني يومياً إلا أنني أردت الانتظار حتى آخذ راتبي. كنت أظن أنني إذا انتظرت 3 شهور سأحصل على النقود. وكانت تضربني بقبضتها في صدري، وتخمش عنقي بأظافرها، وتصفعني على وجهي. وكانت هناك كدمات على عنقي. وكانت أحياناً تنتزع خصلات من شعري”.
وقالت بيغوم إن الدول الأخرى بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للضغط على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حصلت للتو على مقعد في مجلس محافظي منظمة العمل الدولية (ILO)، للعمل على منع إساءة معاملة العمال المهاجرين. فدولة الإمارات العربية المتحدة مشاركة في دورة منظمة العمل الدولية، ابتداء من يوم 30 أكتوبر، والتي ستركز على مجموعة من قضايا العمل، بما في ذلك العمل القسري.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إنها قد أرسلت رسائل إلى 15 وزارة وهيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة في يناير وأبريل وأغسطس الماضين لطلب المعلومات وتقديم النتائج، لكنها لم تتلق ردا.
وفي شهر يونيو الماضي، عدلت دولة الإمارات العربية المتحدة من قانون التعاقد مع الخادمات ليحتوي على يوم راحة أسبوعي وثماني ساعات من الراحة في فترة ال 24 ساعة. لكن هيومان رايتس ووتش قالت ان التعديل لم يعالج قضايا أخرى، مثل تحديد ساعات العمل، حيث أن هناك ما يقرب من 7.3 مليون من العمال المهاجرين في كافة القطاعات في الإمارات.
واعتبرت بيغوم إن عدم وجود الإرادة السياسية قد ترك القانون في حالة من وقف التنفيذ لفترة أطول وأضافت أن الضغط من المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الراسلة للعمالة، وحلفائها في الإمارات، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة والهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يساعد على دفع السلطات لتشريع القانون بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وأضافت أن السلطات تفتقر إلى الإرادة السياسية لإعطاء العاملين في المنازل نفس حقوق العمال المهاجرين الآخرين. فعلى سبيل المثال، سمحت الإصلاحات لنظام الكفالة للعمال المهاجرين الآخرين بالانتقال إلى صاحب عمل مختلف في حال حدوث خرق للالتزامات التعاقدية.
وفي حين يفترض أن يتم محاكمة بعض أرباب العمل بتهمة القتل أو الإيذاء الجسدي الشديد، يواجه العمال المهاجرون العديد من العقبات القانونية والعملية اذا قرروا اتخاذ الإجراءات اللازمة. حيث يمكن أن يواجهوا اتهامات ب “الهروب”، أو ارتكاب مخالفة إدارية، لترك أرباب عملهم دون موافقة قبل انتهاء عقودهم. والمعروف أيضا أن أرباب العمل يقومون بتوجيه اتهامات ملفقة بالسرقة ضد العمال الذين فروا.
وقالت بيغوم إنه كانت هناك بعض الجهود لتثقيف أصحاب العمل في الإمارات العربية المتحدة، لكنها كانت مضللة.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن بلدان العمال الأصلية لم تعمل أيضا على حمايتهم ضد ممارسات التوظيف الخادعة، أو تقديم المساعدة الكافية لهؤلاء النساء الذين حاولوا الفرار من أصحاب العمل المسيئين.
وإن بعض الدول فرضت حظر مؤقت على الهجرة إلى الإمارات العربية المتحدة للعمل في المنازل، في حين أن آخرين، مثل الفلبين، التي تصر على وجود حد أدنى للأجور وشروط على أصحاب العمل ووكالات التوظيف. ومع ذلك، فإن مثل هذه التدابير كانت مؤقتة في بعض الأحيان.