أخبار عاجلة
الناشطان المختفيان حسن الكناني (في يمين الصورة) وحسن الكناي (في يسارها)

تقرير | بعد فضيحة تجسس النظام السعودي على معارضيه.. اختفاء ناشطين معارضين من جنيف

نبأ نت (تقرير خاص) – تحيط دوامة فضائح متنوعة بالنظام السعودي الممثل عملياً بولي العهد محمد بن سلمان، يبدو أنها تكبر منذ الفضيحة الكبرى في عام 2018، المتمثلة بجريمة قتل الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده إسطنبول. وبعد فضيحة التجسس السعودي الأحدث على ناشطين سعوديين معارضين عبر “تويتر”، كُشف النقاب عن اختفاء ناشطَيْن سعوديَّيْن مدافعين عن حقوق الإنسان من جنيف، عُرفا بانتقادهما اللاذع لسياسات النظام السعودي في داخل المملكة وخارجها.

ادعى النظام السعودي أنه حاول إعادة خاشقجي إلى الرياض، وهو ما ثبت كذبه بعد مقتل الأخير، لكن من المتحمل جداً أن يكون قد نفذه مع ناشطَيْن اثنين كشف حساب “معتقلي الرأي” على “تويتر” يوم الاثنين 11 تشرين ثاني / نوفمبر 2019، عن اختفائهما من مقر إقامتهما في جنيف، في عامي 2017 و2019.

المختطفان هما المحامي حسن العمري (DrHassanAlamri@)، والناشط المدافع عن حقوق الإنسان حسن الكناني (HassanElkinani@)، اختُطف الأول في تشرين أول / أكتوبر 2017، أما الثاني فاختطف في آذار / مارس 2019.

ووفق “معتقلي الرأي”، فإن الاختطاف للعمري والكناني جاء بعد تلقيهما تهديدات عدة في حال لم يوقفوا نشاطهما السياسي المعارض للرياض.

https://twitter.com/m3takl/status/1193799934442713088

تنوُّع في الانتقادات للنظام

حسن العمري هو رئيس “ديوان المظالم الأهلي”، عرف بإنقاداته الحادة للتيار الإسلامي السلفي ولمؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب. انتقد العمري مراراً سياسة النظام السعودي ممثلة بولي العهد محمد بن سلمان، في الحرب على اليمن، وفي “رؤية 2030” التي يصر ابن سلمان على قولبة اقتصاد المملكة بها، حيث وصفها العمري في إحدى مقالاته بأنها “تأتي في ظل حكم شمولي، يمنع الشعب من المشاركة في اتخاذ القرارات”.

يعود تاريخ آخر تغريدة نشرها حسن العمري على حسابه على “تويتر” إلى يوم 22 تشرين أول / أكتوبر 2017، وهي إعادة لتغريدة للضابط المصري الراحل جلال عامر، الذي عرف بكتاباته الساخرة لحال الأنظمة الحاكمة في الدول العربية والإسلامية.

وانتقد العمري أيضاً الخصخصة التي اعتبر أنها “رسملة لأصول الدولة لتوفير سيولة للسلطة ومغامراتها”.

وفي شباط / فبراير 2016، وجه العمري رسالة الى الجنود السعوديين في الحد الجنوبي، حذرهم فيها من أن “هذه الحرب تم اتخاذ قرارها في أحد قصور المترفين في الرياض ممن اعتلوا السلطة حديثاً ممن لايعرفون معنى الحرب”، في إشارة إلى ابن سلمان الذين كان حينذاك ولياً لولي العهد المنحَّى من منصبه، محمد بن نايف.

نبه العمري في رسالته الجنود من أن “مشائخ الطائفية” وجهوا بتعبئتهم طائفياً قام لتبرير العدوان على اليمن.

وفي سياسة النظام داخل المملكة، يقول العمري إنه “تعامل بكثير من القمع مع مطالب المواطنين الذين طالبوا بقدر أكبر من الديمقراطية في إطار حركات الربيع العربي”.

ولعل من أبرز ما رصده العمري من التغيرات في السعودية هي “تحوّل في مسار الناشطين السياسيين والحقوقيين من “خيار الإصلاح الوهمي إلى خيار التغيير الجدي”، بعد القمع الذي شهده المواطنون في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.

الكناني: نفس حقوقي لاذع

ولا تختلف آراء الناشط المختطف حسن الكناني عن تلك للعمري، فهو كان واحداً من شريحة واسعة من المثقفين السعوديين، ممن لم يقنع بالاحتفاظ برأيه المعارض أمام ما يقاسيه الشعب اليمني.

وصف الكناني العدوان على اليمن بـ “الحرب التي تجاوزت القانون، وتجاوزت شورى الأمة، وتجاوزت القيم والمبادئ وهي برأيه لا شك أنها حرب فاشلة”.

هاجم الكناني قمع النظام ضد الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، مثل “جمعية الحقوق المدنية والسياسية” المعروفة اختصاراً بـ “حسم”، بعدما حلها النظام وزج بمؤسسيها في السجن. يقول الكناني تعليقاً على ذلك: “ما أقبح الاستبداد وما أقذره، يقوم (النظام) بحل منظمات حقوقية حقيقية ويصادر أموالها وومتلكاتها وينكل بأعضائها حسم ويخلق منظمات صورية لا تعنى إلا بالتغطية على جرائمه وفساده”.

ومرة انتقد الكناني تحويل “أم القرى” المدينة التاريخية إلى “مدينة حديثة”، وتدمير آثارها، كذلك انتقد تشغيل شركة “أكور” الفرنسية لمرفق مياه “زمزم” بدلاً من جعل ذلك من وظيفة شركة محلية.

وفي شأن المعتقلين في السعودية، يعتبر الكناني أن النظام يخاف من أمثال لجين الهذلول التي تعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي بعد اعتقالها بتهم مفبركة، مثل “العمالة لدولة أجنبية”، بينما كانت تنادي بإعطاء المرأة السعودية حقها ووقف القمع اللاحق بها وبالخصوص بالناشطات.

قبل أيام قليلة، كشفت الناشطة السعودية اللاجئة في اليونان غادة الفضل عن أن السفارة السعودية في أثينا تحاول استدراجها لاختطافها. وثقت ذلك بتسجيل صوتي نشرته على “تويتر” لمكالمة هاتفية بينها وبين شخص يدعي أنه من “منظمة” ويريد زيارتها.

ما زال مصير العمري والكناني مجهولاً، فمن المحتمل أن تكون عناصر تابعة للنظام السعودي قد قامت بتصفيتهما وإخفاء جثتيهما، بعدما نجح بذلك جزئياً مع خاشقجي قبل أن تفتضح جريمة مقتله.

وقد يكون اختطفهما وأعادهما إلى المملكة مودعاً إياهما في السجن، حيث يتعرضان للتعذيب مثل العديد من الناشطين والناشطات.