أخبار عاجلة

بيان سماحة السيد حسن النمر حول مجزرة الأحساء: الفاعل والمحرض شريكان بالجريمة

السعودية/ نبأ- في ظل مواقف الاستنكار للحادث الإجرامي الذي وقع بمحافظة الأحساء وأدى إلى استشهاد خمسة من المواطنين وإصابة تسعة آخرين. بعد الهجوم الذي تعرّض له شيعة في الإحساء كانوا يقيمون حفلاً دينياً بمناسبة عاشوراء الإمام الحسين. أصدر مكتب سماحة السيد حسن النمر بيان استنكار للفاجعة التي حصلت شرق السعودية، تنشره قناة "نبأ":

بسم الله الرحمن الرحيم /الحمدُ للهِ القائلِ في كتابِهِ ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ، قَالُوا : إِنَّا للهِ ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ ،

والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وبعد :

ففي ليلة العاشر من محرم الحرام من العام 1436 هـ ؛ حيث مراسم المواساة لرسول الله وآله ( صلوات الله عليهم ) بذكرى فاجعة عاشوراء ، قامت أذرعُ الجريمةِ – المريضةُ ، والمغرضةُ – بجريمةٍ شنعاءَ ؛ تتناسب وطبائعَ مرتكبيها – الدنيئةَ، والمتدنيةَ – ، وتفكيرَهم – المختلفَ ، والمتخلِّفَ – ، جريمةٍ سُفك فيها دمٌ حرامٌ في شهرٍ حرامٍ ، جريمةٍ ترقى إلى عنوان ( المجزرة المروِّعة )، بحق أبرياءَ عزَّلٍ ؛ لا جرمَ لهم ، ولا جريرةَ ، إلا أنهم ﴿ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ [الأحقاف/ 13] ، ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج/ 8] ، مسلمين لم يبدر منهم سوى مشاركتِهم المشروعةِ والنبيلةِ في مراسم العزاء على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ؛ مواساةً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولعترته الطاهرة ( عليهم السلام ) .

وإننا ؛ إذ نتقدم بأحرِّ التعازي إلى أهالي قرية الدالوة خصوصاً ، والأحساء عموماً ، بشهادة هذه الكوكبة الطاهرة من شيعة أهل البيت الطاهرين ، لنسأل اللهُ تعالى أن يتقبلهم شهداءَ ؛ على الدرب التي سار فيها وعليها الإمامُ الحسينُ ( عليه السلام ) وأصحابُه الشهداءُ ( رضوان الله عليهم ) ، دربِ الحقِّ والحقيقةِ ، دربِ الصلاحِ والإصلاحِ.

وفي الوقت نفسه نؤكد على أن هذه الجريمة القبيحة لا يتحمل تبعاتُها – الماديةُ ، والمعنويةُ – سوى فاعليها المباشرين ، ويشاركهم في ذلك المحرِّضون المباشرون عليها ؛ ممن يعمل بوعيٍ ودون وعيٍ في خدمة أعداء الدين والأمة والوطن .

لذلك، نؤكد :

أولاً – أن هذه الجريمةَ ليست جريمةً عاديةً ؛ فهي تشكل – في تقديرنا – منعطفاً خطيراً ؛ وفقاً لطبيعةِ الهدفِ المختارِ ، وتوقيتِه ، ومكانِه . ولا يحتاج إدراك ذلك إلى ذكاءٍ خارقٍ ، بل يكفي ملاحظة ما تمر به الأمةُ من ظروفٍ حرجةٍ .

وهذا يتطلب من الجميع :

أ – التحلي بأعلى درجات اليقظة والانتباه ؛ فلا مجالَ لردود الأفعال الساذجة .

ب – أعلى مراتب الإحساس بالمسؤولية ؛ فلا مجال للتهوينِ منها ، ومن تداعياتِها .

جـ – أعلى مستويات الرقي الأخلاقي ؛ فلا مجال لغيرِ الأحاسيسِ النبيلةِ ، وليس مسموحاً ، ولا ينبغي أن يُتاح لسفيهٍ هنا أو هناك أن يتطاول على الشهداء والمصابين وذويهم ؛ بالشماتة بهم ، أو الاستهزاءِ بمعتقداتِهم وشعائرِهم ، دون الأخذِ على يدِهِ ومحاسبتِه.

نقول ذلك لأن هذه الجريمة والمجزرة – في ما نرى – لم يُقصَد بها شيعةُ أهلِ البيتِ ( عليهم السلام ) فقط ، ولا خصوصُ أهلِ الدالوةِ الكرامِ ، وإنما أريد بها إيقاعُ فتنةٍ هوجاءَ بين شريحتين كريمتين من المسلمين ؛ تفيأتا منذ زمنٍ بعيدٍ ظلالَ شجرةَ التعايشِ والمحبةِ ، واستظلَّتا بظلِّها على الرغم من ثقافةِ الكراهيةِ والبغضاءِ ؛ التي يراد غرسُ بذرتِها واستنباتُها بشتى السبل.

ثانياً – أن شيعةَ أهلِ البيتِ ( عليهم السلام ) – عموماً – ليس من ثقافتِهِم ، ولا من سيرتِهِم ، أخذُ المحسنِ بالمسيءِ . وستظل الأحساءُ – بإذن الله تعالى – واحةً للتعايش الكريم والسلم الأهلي بين الشيعة والسنة ، كما كانت عبر تاريخها ، ولن يجرها هذا الفعلُ – الدنيءُ والمدانُ – إلى خلاف هذه السيرة وتلك الثقافة.

وفي الوقت نفسه :

نطالب أولاً – الجهات الأمنية المختصة بالعمل على الوصول السريع إلى هذه الأيدي الإرهابية الآثمة ، وتسليمها للقضاء ، والاقتصاص منها بالعدل .

ونطالب ثانياً – الجهات المعنية والمسؤولة في وطننا الحبيب بالعمل من أجل اجتثاثِ حملاتِ التشويهِ البغيضةِ ؛ والتي توجَّه – في مختلف المنابر الإعلامية والدعوية – إلى مواطنين مسالِمين من أبناء هذه البقعة من العالم ، التي تفتخر بين الأمم بأن فيها ، ومنها ، انطلقت رسالةُ الإسلام ، على يدَيْ مَن ختم اللهُ به أنبيائه ، وقال في حقه ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء/ 107] .

ومما يؤسَف له – بشكلٍ مضاعفٍ – أن تُوجَّه هذه الحملاتُ – باستمرارٍ – إلى مواطنين لم يُعهَد منهم سوى المسالمة والموادعة لمن خالفهم مذهبياًّ ، كما لم يُعهَد منهم سوى نشدانِ الخيرِ لهذا الوطن وأهله وجميع مَن فيه ، وتاريخُهم وحاضرُهم شاهدا عدلٍ على ذلك .

وإن ما حصل من جريمةٍ مروعةٍ ، وفعلٍ إرهابيٍّ مستنكَرٍ ؛ في هذه القرية الوادعة ؛ وإن كان في اعتقادنا الجازم فعلاً فتنوياًّ تآمرياًّ ، لم يكن ليحصل دون هذه الحملات المشوِّهة والمشوَّهة ؛ التي هيأت له الأرضيةَ المناسبةَ لدى الإرهابيين ؛ ممن باشر تنفيذَه ، أو أن من ارتكبه أراد توظيفَ تلكم الحملات في إحداثِ فتنةٍ أطلَّت برأسها البشع في عددٍ من بلدان المنطقة .

وختاماً : نجدد العزاء إلى سيدنا رسول الله وآله الطيبين ( صلوات الله عليه وعليهم ) بمصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ، ونسأل اللهَ علوَّ الدرجة للشهداء من أهل الدالوة ، ولذويهم الصبرَ والسلوانَ ، وللجرحى الشفاءَ العاجلَ والكاملَ ، ولهذا الوطن ومَن فيه الأمنَ والتعايشَ والسلمَ الأهليَّ ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾ [إبراهيم/ 35] .

والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين .

في العاشر من شهر محرم الحرام 1436 هـ

خادم الشرع الحنيف

السيد حسن النمر الموسوي