السعودية / دورون بيسكن – برغم أن إسرائيل والمملكة العربية السعودية تشتركان في العديد من المصالح الإقليمية، بما في ذلك الحرب ضد التطرف الإسلامي، ومنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إلا أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن هذه القواسم المشتركة ستؤدي إلى تغيير الخطاب السعودي تجاه إسرائيل.
فقبل نحو شهرين، نشرت وسائل الإعلام السعودية أن إسرائيل “تسرق” التمور التي تزرع في المملكة العربية السعودية عن طريق طرف ثالث وتبيعها في أوروبا على أنها تمور إسرائيلية.
وقد جاء هذا الاتهام ليس فقط من التجار السعوديين، ولكن أيضا من ممثل عن العائلة المالكة، وهو الأمير فيصل بن بندر آل سعود، حاكم منطقة القصيم، واحدة من مناطق زراعة التمور الأكثر أهمية في البلاد.
وقال مسؤول سعودي كبير آخر في مجال صناعة التمور السعودية في منطقة القصيم إنه اقتنع تماما بأن التمور السعودية تذهب إلى يد الإسرائيليين. وقال إن التجار من الدول المجاورة الذين يأتون إلى القصيم يقومون بشراء التمور وبيعها إلى العديد من البلدان، بما فيها إسرائيل، في ما وصفه بـ “الفساد التجاري”.
وعلى الرغم من أن السعوديين لم يقدموا أية شكوى رسمية حول السرقة لأية سلطة دولية، إلا أن الشكوى السعودية يجب أن تؤخذ على محمل الجد. فالمملكة الصحراوية تأخذ صناعة التمور على محمل الجد، وتعتبرها رمزا وطنيا، حيث تأتي صناعة التمور المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد البترول.
ويقدر إنتاج التمور السنوي في السعودية بما يزيد على مليون طن، ويقدر عدد أشجار النخيل في البلاد بنحو 23 مليون شجرة. وقد توسعت الصادرات السعودية إلى أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية، إلى حد كبير بسبب تمور “المدينة المنورة” المتنوعة.
ووفقا لمصادر سعودية، فإنّ مصدري هذه التمور يستهدفون غالبا المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء القارة. ويقدر متوسط سعر هذه التمور السعودية في الأسواق الأوروبية بحوالي 1650 دولار للطن، في حين يقدر سعر التمور الإسرائيلية بـ 4000 دولار في المتوسط.
وتنافس التمور السعودية التمور الإسرائيلية في النجاح على المستوى الدولي. فوفقًا لمزارعي التمور، أنتجت إسرائيل 38000 طن من التمور في العام الماضي، منها 20000 طن تم تصديرها.
إلا أن هناك إجماعًا بين العاملين في صناعة التمور الإسرائيلية بأن الاتهامات السعودية لإسرائيل بـ “سرقة التمر” لا أساس لها. واعتبر بعضهم أن إسرائيل لديها سمعة طيبة في الأسواق الخارجية باعتبارها دولة مصدرة لأفضل الأصناف، في حين أن النوعية المتنوعة للتمور السعودية منخفضة، فإنّه لا مبرر لأن تقوم إسرائيل بسرقة التمور السعودية وتسويقها على أنها تمور إسرائيلية. بينما يعتقد ميشال يعاري بأن الشكاوى السعودية لم تأت من فراغ، وأن السعوديين يتصرفون على أساس المعلومات التي في حوزتهم.
الشكاوى السعودية هي الأحدث في سلسلة القضايا التي تؤرق مصدري التمور الإسرائيليين. فهناك تهديد متزايد بالمقاطعة الدولية ضد إسرائيل، ولا سيّما في أوروبا، والشرق الأقصى وخاصة في الهند.
ويذكر أن صادرات المانجو الإسرائيلية إلى أوروبا قد واجهت مشاكل خطيرة في الصيف الماضي بسبب المزاج المعادي لإسرائيل خلال عملية الحافة الواقية في غزة.
وتتوقع إسرائيل دخول لاعب جديد واعد إلى سوق التمور الإقليمين وهم الفلسطينيون الذين يعيشون في منطقة أريحا ويزرعون الكثير من أشجار النخيل، والتي تصل إلى ما يقرب من 2500 فدان. وهو ما يعتبره المسؤولون الإسرائيليون أمرا خطيرا يقتضي المتابعة عن كثب.
ربما كان لدى إسرائيل والمملكة العربية السعودية فرصة أسهل بكثير للتعاون في الشؤون العسكرية والسياسية من خلال قادتهم. غير أن التعاون الاقتصادي يبدو أنه سيكون أكثر صعوبة في تحقيقه.
ترجمة التقرير
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها