السعودية / نبأ – أمام مشهد الدّماء البريئة التي سالت في حسينية المصطفى بالإحساء؛ ثمّة سؤال بديهي يتصدّر المشهد: لماذا لم تفلح كل تلك التدبيرات في منع انسلال خفافيش الظلام إلى قلب بلاد الحرمين؟
السيناريوهات المفترضة لجريمة الإحساء مفتوحة على اتجاهاتٍ كثيرة، وبينها يتبدّى احتمال لا يخلو من القسوة، والقلق، والخطورة في الوقت نفسه. من الممكن بل من الوارد بقوة أن قاتلي الشهداء الثمانية في الدالوة لم يكونوا إلا سعوديين من داخل البيت، معطيات كثيرة تصب في صالح احتمال من هذا النوع، معطيات يتصدرها تعاظم التعاطف السعودي مع تنظيم داعش وانتصاراته السريعة والنظيفة في سوريا والعراق. لم تتعاط المملكة بالجد المطلوب مع الوحش الكامن لها خلف الستار، صحيح أنها أطلقت حملة واسعة لضبط المواقع الإلكترونية المحسوبة على التكفيريين، وصحيح كذلك أنها حرضت مشائخها على مهاجمة الدواعش وتحريم الإلتحاق بهم وتقبيح أفعالهم وأفعال المنساقين إليهم، لكن الخطر المنبعث من الداخل قبل الخارج ظل قائما بل وبات متصاعدا.
خطر تدرك الرياض جيدا أنه لا يمكنها تجاوزه إلا بالقضاء على منابعه الرئيسة، دعاة التكفير والتفسيق والتقتيل والكراهية لم يغادروا السعودية ولم يسكنوا ولم يستكينوا، صوتهم ما زال هو الأعلى ويدهم هي الأطول داخل معظم المؤسسات القابضة على مفاصل الحياة في المملكة، بل إنهم لا يعدمون كبيرا يروج أفكارهم ويبيض صفحتهم ويلمع صورتهم وينصبهم أمراء على عرش الهداية والإصلاح، عبد الرحمن السديس وعبد العزيز آل الشيخ على رأس قائمة أولئك الكبراء.
بالنتيجة، الخطاب الديني في السعودية هو لب المشكلة وجذرها الرئيس، خطاب لا غرو إن أفرز مجازر الإحساء والعرضي ونبل والزهراء وسنجار والأنبار وغيرها من الجرائم الداعشية الموثقة، حتى لو أطلقت هيئة كبار العلماء أشنع الأوصاف وأقذع العبارات على هذه الجرائم، وحتى لو استمات عبد المنعم المشوح في التقليل من فداحة الشر الذي يزرعه مشائخ المملكة في الداخل والخارج… تبقى الحقيقة ساطعة سطوع الشمس… أصل الإرهاب عقيدة محمد بن عبد الوهاب… فلتكافحوا الإرهاب إذا.