السعودية / نبأ – كسرت جريمة الدالوة الإرهابية المحرمات التي كانت مفروضة في المجتمع السعودي سابقا حول الحديث عن ازمة الهوية والطائفة.
الدولة التي كانت تقدم نفسها منذ انشائها على انها تحمل الهوية السنية السلفية تقف الآن امام مفترق طرق، مع بدء الحديث عن وجود هويّات فرعيّة تُعاني من الاضطهاد والتمييز.
وبحسب الكاتبة اللبنانية مريم ترحيني المقيمة في السعودية، فإن “الدالوة” حفرت اسمها عميقاً في الذاكرة السعودية، حيث انفجرَ التراكم المتواصل من خطاب التحريض الذي يطال المواطنين الشيعة في المملكة.
وبحسب ترحيني، فإن صدمة “الدالوة” لازالت باقية، ولم تستطع الحكومة وأهل الأحساء تجاوزها حتى الآن، حيث مسّت النار المذهبيّة الجميع مع إطلاق النار على حسينية المصطفى ليلة العاشر من المحرم.
المشكلة، كما تقول ترحيني، هو أن الحكومة لم تعير أيّ اهتمام جدّي للخطابات التحريضيّة، وسيْل الشتائم والفتاوى المذهبية التي لا تتوقف ضد المواطنين، ولاسيما مع انطلاق الحراك المطلبي في القطيف، وارتفاع وتيرة الانتهاكات والاعتقالات التعسفيّة.
في النهاية، وجدت المملكة نفسها بين المطرقة والسندان، وهي بدأت تسعى لإسكات “أبواق الفتن”، ولكن دون جدوى، مع غياب القوانين التي تُجرِّم خطابات الكراهية، وعدم الاعتراف الرّسمي بالأقليّات المذهبيّة الإسلاميّة في المملكة.
في هذا السياق، اعترض عضو مجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حسن الهويمل على مشاركة خلال ندوة حول الطائفية قيل فيها إن السنة والشيعة طائفتين إسلاميتين، وقال الهويمل إن السنّة ليست طائفة، بل هي الأمة، والأصل، والطائفة تطلق على الأقلية فقط.
هذا الكلام الذي يصدر عن شخص يتولى منصباً في مركز أسس من اجل الحوار الوطني، يعكس بنية الإلغاء المذهبي الذي يُخيّم على المملكة، والذي يرفض النظر إلى الشيعة على اساس المواطنة.
وهو تهميش ترافقَ مع تأسيس الدولة السعوديّة، كما يؤكد الباحثون، وهو ما يجعل الاستنكارات الرسمية والدينيّة عقب جريمة الدالوة، محدودة الأثر، وخصوصاً مع استمرار السجال الداخلي حول خلفيات الجريمة، مع الإشارة إلى أن الكثيرين ممن أعربوا عن رفضهم للجريمة كانوا من أصحاب التاريخ المليء بالتحريض الطائفي والكراهية.
الليبراليون السعوديون استنكروا الجريمة وطالبوا بسنّ قانون يجرم الكراهية. أما الإسلاميّون، فهناك من دان الجريمة بوضوح، وندّد بالكراهية المذهبية، وهناك منْ دان الجريمة من غير أن يُعلن موقفا ضد المذهبيّة، فيما استنكر فريق آخر الجريمة رابطاً إياها بالجوّ الطائفي السائد في المنطقة والإقليم.