السعودية/ نبأ- ألقت مجلة "إيكونوميست" البريطانية الضوء على قرار وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف السعودية بتثبيت كاميرات مراقبة في المساجد قريبا لمتابعة المؤذنين والأئمة في أداء عملهم والوقوف على ما يجري داخل كل مسجد.
وقالت المجلة، في مقال تحت عنوان "تحويل الدعاة"، إن الحكام العرب يشددون قبضتهم على المساجد، إذ يُقصد بهذا القرار السعودي في ظاهره منع السرقة وتنظيم استخدام الطاقة، لكن يتشكك البعض في النية الحقيقية للقرار التي هي تشديد قبضة الدولة على المساجد، كجزء من اتجاه سائد في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ورأت المجلة أن السعودية لجأت لهذه الخطوة نتيجة قلقها من انتقادات الأئمة لتحمس الحكومة للحملة الأمنية ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فقد شجع صعود داعش عددا من السعوديين المتشددين على استهداف الأجانب ومساجد الشيعة في شرق البلاد.
وفي الواقع، فإن الخطة السعودية لمراقبة المساجد تظل متأخرة ومترددة، مقارنة مع دول مثل طاجكستان وأوزبكستان وكازاخستان، التي تستخدم كاميرات المراقبة بالفعل وبشكل روتيني، وقد ثبتت الكويت مسجلات لمراقبة خطبة الجمعة، وفي الإمارات لا يحتاج الخطباء لإعداد خطب الجمعة باستثناء عدد من الخطباء الموثوق بهم، فهم يقرأون نصا تعدها وزارة الشؤون الدينية التي تدفع رواتبهم، وتسيطر تركيا أيضا على الخطاب الديني منذ عقود من خلال وزارة "ديانت" التي يعمل بها 121 ألف موظف بميزانية 2.3 مليار دولار.
وأضافت المجلة أن هناك حكومات أخرى تطمح إلى هذه الهيمنة، حيث عادت تونس لتشديد الرقابة في المساجد، بعد أن خُففت منذ ثورة يناير 2011، وذلك بعد دخول السلفيين المتشددين إليها، وفي المغرب دعم الملك برامج ورصد ميزانيات لتدريب الأئمة، وزاد عدد الطلاب الأجانب بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، بهدف غير المعلن هو مواجهة انتشار الفكر السلفي المتطرف في مناطق مثل مالي وشمال نيجيريا.
ولفتت المجلة إلى أن مصر تجري إصلاحات جذرية منذ فترة طويلة، ففي التسعينيات من القرن الماضي استجابت الحكومة لموجة العنف الإسلامي بوضع كافة المساجد تحت سيطرة الدولة بشكل كامل، ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013 منعت الدولة الخطباء من مناقشة السياسة، وفرضت على الخطباء أن يكون لديهم تصريح للخطابة، ومنعت صلاة الجمعة في الزوايا، وحددت موضوعات للخطابة، وأنشأت خطا ساخنا لتشجيع المصلين على الشكوى في حال تجاوز الإمام الخطوط المسموح له بها، وفصلت وزارة الأوقاف 12 ألف من الأئمة، وطالبت الوعاظ والأئمة بالحصول على شهادات من المعاهد المعترف بها من الحكومة.
وفي حين سمحت الحكومة المصرية للجماعة السلفية التي تدعم النظام الحالي بتشغيل حوالي 7 آلاف مسجد، إلا أنها أعلنت في سبتمبر الماضي عن خطط لاستعادة السيطرة على هذه المساجد أيضا، بسبب دعوة خطباء فيها إلى الامتناع عن شراء السندات الحكومية ذات الفائدة، بحسب المجلة.
وقال الباحث المصري عمرو عزت إن جهود الدول للسيطرة على المساجد مضللة وخطيرة، وذلك لأن المؤسسات الدينية ستفقد الشرعية مع مرور الوقت، ما يدفع المواطنين العاديين لتبني الأفكار المتشددة، ومن خلال تأدية الدول دور الإمام، فهي بذلك تفرض الأخلاق، ربما لاسترضاء المحافظين الدينيين، فعلى سبيل المثال صعدت الدولة حملاتها ضد الشذوذ، كان آخرها حملة ليلية على حمام للمثلية الجنسية في القاهرة قادت العشرات من العراة إلى السجن.